خطورة تراجع منسوب الثقة من قبل المواطنين في الانخراط السياسي

بقلم: عبدالهادي بريويك

يُعدُّ الانخراط السياسي من الركائز الأساسية التي يقوم عليها  أي نظام ديموقراطي، إذ يتيح للمواطنين المشاركة في صنع القرار وتوجيه السياسات العامة. غير أنَّ تراجع منسوب الثقة لدى المواطنين في العملية السياسية يعدُّ تهديدًا جوهريًا لاستقرار مجتمعنا وتقدمه . فحين يفقد المواطنون ثقتهم في السياسيين والمؤسسات، تتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية، وتتسع الفجوة بين الحاكم والمحكوم.

ويعزى أسباب تراجع الثقة في الانخراط السياسي إلى :

1.    الفساد السياسي: يشكل الفساد عاملاً رئيسيًا في تراجع ثقة المواطنين، إذ يؤدي إلى تبديد الموارد وانعدام العدالة في توزيع الفرص.

2.    عدم تلبية تطلعات المواطنين: عندما تفشل الحكومات في تحقيق وعودها الانتخابية، يشعر المواطنون بالإحباط ويفقدون الأمل في التغيير.

3.    غياب الشفافية والمساءلة: ضعف آليات المحاسبة يجعل المواطنين يشككون في نزاهة العمليات السياسية والانتخابية.

4.    هيمنة المصالح الخاصة: تؤدي سيطرة بعض الفئات الاقتصادية أو السياسية على القرار السياسي إلى شعور المواطنين بالإقصاء والتهميش.

5.    تأثير وسائل الإعلام والشائعات: يسهم انتشار الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي  وتأثير شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز حالة عدم الثقة بالمؤسسات السياسية.

مما يترتب عن  ضعف الثقة السياسية

1.    عزوف المواطنين عن المشاركة الانتخابية مما يؤدي دوما  إلى صعود قيادات غير مؤهلة، مما يعمق الأزمات السياسية والاقتصادية.

2.    انتشار الاحتجاجات وعدم الاستقرار:في ظل غياب قنوات التعبير الرسمية، يلجأ المواطنون إلى التظاهر والاحتجاج، ما قد يهدد الأمن والاستقرار.

3.    تزايد النزعات الشعبوية والتطرف عندما يفقد المواطنون الثقة في النخب السياسية، وتتصاعد الحركات الشعبوية التي قد تضر بمؤسسات الدولة.

4.    ضعف التنمية الاقتصادية: يؤدي تراجع الثقة إلى ضعف الاستثمارات المحلية والأجنبية بسبب غياب الاستقرار السياسي.

5.    تعميق الهوة بين الحكومة والشعب  مما يزيد من مشاعر الاغتراب السياسي ويؤدي إلى ضعف الانتماء الوطني.

سبل استعادة الثقة وتعزيز الانخراط السياسي

1.    تعزيز الشفافية والمساءلة: يجب إنشاء آليات رقابية فعالة لمحاسبة المسؤولين وضمان النزاهة في العمل السياسي.

2.    تحقيق العدالة الاجتماعية: ينبغي للحكومات تنفيذ سياسات عادلة تضمن تكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع.

3.    إصلاح المنظومة الانتخابية: من خلال سن قوانين تعزز تمثيل المواطنين وتضمن نزاهة الانتخابات.

4.    تعزيز دور الإعلام المستقل: الإعلام الحر والموضوعي يسهم في كشف الحقائق وتعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين.

5.    إشراك الشباب في العملية السياسية: من خلال توفير منصات تتيح لهم التعبير عن آرائهم والمشاركة في صنع القرار.

إنَّ استعادة ثقة المواطنين في الانخراط السياسي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام. ولا يمكن بناء ديموقراطية حقيقية دون مشاركة فعالة من المواطنين في الحياة السياسية. لذا، فإنَّ تعزيز الشفافية والمساءلة وتوفير بيئة سياسية عادلة سيسهم في خلق مجتمع أكثر استقرارًا وتقدمًا.