بقلم: زكية لعروسي

العالم اليوم يشهد تحولات جذرية في ميزان القوى العالمية، حيث تتزايد ملامح تحالف استراتيجي بين روسيا، الصين، وإيران. هذه الدول الثلاثة، التي تجمعها مواقف معارضة للهيمنة الأمريكية، باتت أكثر تقاربا على الصعيدين العسكري والاقتصادي، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة النظام الدولي القادم. فهل هو تحالف الضرورة أم استراتيجية طويلة المدى؟
تُعتبر المناورات العسكرية المشتركة بين هذه القوى الثلاث في المحيط الهندي، والتي تشمل مشاركة سفن حربية من أساطيلها، علامة واضحة على تصاعد التنسيق العسكري. الهدف المعلن لهذه المناورات هو “تعزيز الأمن الإقليمي”، لكن الرسالة غير المعلنة تبدو أوسع من ذلك: إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية وفرض واقع جديد في مواجهة التحالفات الغربية، وخاصة حلف الناتو.
هذا التحالف لا يقتصر على المجال العسكري فقط، بل يتعداه إلى التعاون الاقتصادي والدبلوماسي. فمنذ العقوبات الغربية على روسيا، زادت موسكو من اعتمادها على بكين وطهران لتعزيز اقتصادها. كما أن إيران وجدت في الصين وروسيا شركاء استراتيجيين يساعدونها في تخفيف أثر العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. لكن ماذا يعني ذلك للعالم العربي؟
بالنسبة للدول العربية، يشكل هذا التقارب تحديا وفرصة في آن واحد. فمن جهة، هناك مخاوف من أن يؤدي هذا التحالف إلى تغييرات في موازين القوى الإقليمية، خاصة مع تصاعد النفوذ الإيراني. ومن جهة أخرى، قد يكون هذا التكتل فرصة لدول عربية تبحث عن تعددية في الشراكات الاستراتيجية، بعيدا عن الاعتماد الحصري على الغرب. فيا ترى نحن أمام أسطورة أم واقع جديد؟
يبدو أننا لا نشهد مجرد تكهنات أو “أسطورة تاريخية”، بل تحوّلا حقيقيا في طبيعة التحالفات الدولية. لم تعد واشنطن وحدها تحدد قواعد اللعبة، فهناك قوى أخرى تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي وفق مصالحها.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستتطور هذه التحالفات إلى محور جيوسياسي جديد قادر على تغيير موازين القوى، أم أنها مجرد تقارب تكتيكي فرضته الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف لنا الإجابة.