بقلم: زكية لعروسي

في الفترة الأخيرة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام المغرضة شائعة جديدة مثيرة للسخرية، تزعم أن المغرب سيكون أحد الوجهات المقررة لنقل سكان غزة ضمن خطة مزعومة أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووفق هذه المزاعم، سيستقبل المغرب إلى جانب مصر والأردن وسوماليلاند وبونتلاند سكان غزة كجزء من مخطط إعادة التوطين المزعوم.
هذه الأكاذيب التي تُروّج بحماسة من قبل أعداء المغرب ليست سوى حلقة أخرى من مسلسل طويل من الافتراءات ومحاولات تشويه صورة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي. وما يزيد من عبثية هذه المزاعم هو اعتمادها على تصريحات غير دقيقة أدلى بها الدبلوماسي الإسرائيلي إسرائيل باشار في مقابلة مع قناة أمريكية مسيحية (CBN News)، قبل أن يسارع بنفسه إلى تصحيحها، مؤكدا أن تصريحاته كانت “غير دقيقة” وخالية من أي أساس من الصحة.
Unprecedented 🤯
Consular General of Israel 🇮🇱 to Pacific southwest – Bachar pic.twitter.com/hLcKoue03b
— Keenadiid (@KarkaarShuayb) February 6, 2025
إن مثل هذه الشائعات ليست مجرد أخبار عابرة أو زلات لسان يمكن تجاهلها، بل هي جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى تشويه سمعة المغرب وزرع الفتن بين شعوب المنطقة. فلطالما كان المغرب هدفاً لحملات إعلامية مغرضة، خاصة من جهات تسعى لتقويض مكانته كدولة مستقرة وقوة إقليمية ذات تأثير إيجابي في العالم العربي والإسلامي.
ولكن كما يُقال، “حبل الكذاب قصير”، وسرعان ما افتُضح أمر هذه الشائعات عندما اضطر المصدر الأساسي لها إلى التراجع عنها، تاركا المروجين لها في موقف محرج، يبحثون عن أكذوبة جديدة.
My remarks in regard to Morocco were not accurate .
— Israel Bachar (@IsraelBachar_) February 7, 2025
على مر التاريخ، كان المغرب من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب القضية الفلسطينية ودعمت الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل حقوقه. ومن المعروف أن المغرب استضاف العديد من المؤتمرات الدولية المساندة لفلسطين وشارك في مختلف المبادرات الساعية إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. وبالتالي، فإن فكرة قبول المغرب بمشروع “ترحيل سكان غزة” لا تعدو كونها محاولة فاشلة لتشويه الحقائق وزرع الشكوك في مواقفه الثابتة.
الأمثلة عديدة على التضليل المماثل الذي تعرضت له دول عربية أخرى بهدف النيل من مكانتها وزرع الفتنة بين شعوبها. فقد شهدنا في السنوات الماضية حملات إعلامية مشابهة استهدفت مصر والأردن وحتى دول الخليج العربي، في محاولات لخلق صورة سلبية وإثارة الجدل حول سياساتها. إلا أن وعي الشعوب العربية أصبح حائط صدّ أمام مثل هذه الأكاذيب، حيث بات المواطن العربي أكثر قدرة على التمييز بين الحقائق والإشاعات المضللة.
امام هذه المحاولات البائسة الوعي كسلاح أقوى. فمن الضروري اليوم أن نكون أكثر يقظة في التعامل مع الأخبار التي يتم ترويجها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. فرغم المحاولات المستمرة لتزييف الحقائق، يظل وعي الشعوب هو الحصن المنيع الذي يقف في وجه كل من يسعى لتفريقها أو النيل من سيادة دولها. والمغرب، كعادته، سيبقى صامدا أمام هذه الهجمات الإعلامية المغرضة، متمسكا بمبادئه، ومدافعا عن قضاياه العادلة وعن استقراره الوطني.
لا ينبغي لأحد من هؤلاء البائسين أن يخطئ في قراءة مواقف المغرب أو يستخف بوعيه، فالمملكة ستظل قلعة حصينة أمام الرياح العاتية. تحت رعاية ملكنا محمد السادس – نصره الله- ودبلوماسيته الناجحة.