إلى أين يصل هدم «المنازل» بالمغرب؟

بقلم: عبد الدين حمروش

تشهد المدن المغربية طفرة في البنيات التحتية، بالنسبة إلى استحداث الطرق والقناطر، وإصلاح القديم منها. والأمر لا يقتصر على البنيات المذكورة، بل يتعداها إلى أخرى، من قبيل الموانىء، والملاعب، وغير ذلك. وبالموازاة مع هذه الطفرة، تجري عملية أخرى متسارعة، لها علاقة بهدم دور الصفيح والمنازل العشوائية. ما كان متعذرا، أو بالأحرى بطيئا في ما تعلق بمحاربة دور الصفيح، صار قائما، اليوم، بين عشية وضحاها. عمليات الهدم تلاحظ في محور الدار البيضاء- المحمدية بشكل ملموس.

عادة ما تقرن عمليات الإنشاء والهدم الحاصلة، في الآونة الأخيرة، باستعداد المغرب لتنظيم تظاهرتين رياضيتين كبيرتين في كرة القدم: واحدة قريبة جدا وثانية بعيدة إلى حد ما. بالطبع، عمليات الإنشاء والهدم مطلوبة، لتعديد المرافق، وتحسينها، وبالمقابل القضاء على العشوائي منها، في أفق تجويد الحياة العمرانية، وما يرتبط بها. وعلى الرغم من العناصر الإيجابية في كل هذا، يبقى هناك سؤالان:

– الأول، له علاقة بالتكلفة المادية، وما قد تفرضه من ضغوط على الميزانية المثقلة بالديون أصلا، وفي ظل وضعية مناخية صعبة تنذر باستمرار موجة الجفاف (السنة السابعة). هذا، كما أن التقلبات الجوية سياسية في المنطقة والعالم، وما تقتضيه من إنفاق كبير على التسلح، باتت تزيد من الضغط على الميزانية؛

– الثاني، له علاقة بالاستقرار الاجتماعي للمواطنين، في ظل سياسة اجتماعية تراعي القضاء على العشوائي، ولكن من دون الإخلال بالاستقرار الاجتماعي للمواطنين، من الفئات المعدودة فقيرة، أو تحت عتبة الفقر. ذلك أن توفير السكن اللائق لا يعتبر الطرف الحاسم في أية تنمية اجتماعية، في غياب توفير الشغل مثلا. وفي هذا الإطار، يمكن تسجيل أن كل عملية إجهاز على سكن عشوائي هي بمثابة عملية إجهاز على مصدر رزق. فنقل المواطن من بيت إلى بيت، وبالتالي تغيير محيطه الاجتماعي، هما أمران كفيلان بزعزعة استقراره الاجتماعي (فقدان فرصة العمل التي يزاولها، والتي غالبا ما تكون مرتبطة ببنيته الاجتماعية العشوائية، إلخ).

هل تراهن الدولة، بتنظيمها لتظاهرتين رياضيتين ضخمتين، على حسابات اقتصادية إيجابية في المنظور المتوسط والقريب، لا يدركها غير رجالها وخبراؤها؟ هل هناك وعود بتمويلات خارجية، سواء في شكل مساعدات، أم في شكل قروض مخفضة؟ هل هناك تقديرات بجني أرباح، ناتجة عن تنشيط البنية الاقتصادية، بارتباط مع تنظيم التظاهرتين الرياضيتين؟ وإذا لم تؤديا إلى ما هو مأمول منهما، فماذا سيكون عليه الوضع المغربي، من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية؟

ما من شك في أن المغرب سيشهد تحولات كبيرة، تمس مختلف بناه، في المنظور القريب. وإن كان الاهتمام في كل هذا ينصرف إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن من شأن تنظيم تظاهرتين، واحدة قارية وثانية عالمية، أن يكون له انعكاس على الوضع الثقافي أيضا. النقاش القيمي، الذي رافق تنظيم دولة عربية مسلمة، مثل قطر، كأس العالم السابقة، لابد أن تتم استعادته “مع المغرب”.