بقلم: عبد الدين حمروش
أجرى الرئيسان، عبد الفتاح السيسي وعبد المجيد تبون، لقاء صحافيا، بمناسبة الزيارة التي قام بها الجزائري إلى مصر. في الكلمة التي ابتدرها تبون، تطرق إلى قضايا كثيرة، منها حرب الإبادة الصهيونية على غزة، وقضايا إقليمية أخرى، مثل النزاع في ليبيا. غير أنه في سياق الإشارة إلى الصراع الدائر في السودان، لمح تبون، شاجبا التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلى ما تقوم به بعض الأطراف، لإذكاء الفرقة بين السودانيين المتصارعين على السلطة، قائلاً: حسابهم عند الله. يمكن قراءة العبارة الأخيرة، بوضعها في سياق التلميح إلى دولة الإمارات، التي ظلت الاتهامات موجهة إليها، من قبل النظام الحاكم في الجزائر، خلال الأشهر القليلة الماضية.
لا يهم من يكون المقصود بتلميح تبون السابق. غير أن ما نريد التوقف عنده، ونحن نؤيد استنكار تدخل الدول في شؤون غيرها، هو تناقض تصريحات تبون مع أفعاله. والسؤال البديهي، هنا، يمكن تلخيصه في ما يلي: وأنت تنصح غيرك، لماذا لا تحجم، يا سعادة الريس، عن التدخل في شؤون المغرب، وبالتحديد في ما تعلق بوحدته الترابية؟ إذا كان ما تدعيه صحيحا، أي أن لا أطماع توسعية للجزائر في الصحراء، فلماذا تقحم أنفك، وأنف عسكرك، في “القضية” بتلك الصورة المرضية، في كل خطاب وحوار، وفي كل لقاء واجتماع؟
زد على ذلك، أن النظام، الذي جئت تترأسه، للمرة الثانية، ظل يؤوي البوليساريو، ويسلحهم للقيام بالهجوم على التراب المغربي. وحتى لا بأس، إن كان التدخل قد اقتصر على ما هو ديبلوماسي. غير أن يكون عسكريا منذ بدايته، ويستمر كذلك في عهدك، بغاية الإضرار المادي ببلد جار، ومن ثم خلق توتر دائم في المنطقة، فمما لا يستقيم ومبدأ عدم التدخل في شؤون الدول. إن اجترار أسطوانة الدفاع عن الشعوب، وحقها في تقرير مصيرها، لا ينبغي أن يصل حد التسليح، والإجهاز على الأرواح والممتلكات. ولو كان نظامك صادقا في دعوى تقرير المصير، في يوم من الأيام، تشبثا بمبدإ حسب ادعاء باطل، ما كان ليصطف مع الإسبان في احتلال مدينتي سبتة ومليلية.
بالفعل، حسابك مع الله أعمي تبون. لقد فقت جميع الرؤساء الجزائريين عداوة للمغرب والمغاربة، متجاوزا كل الأعراف الديبلوماسية، وكل قيم الأخوة، وحسن الجيرة.