هل يعجِّل انتهاك سيادة إيران بزوال إسرائيل من الخريطة؟

بقلم: د. أحمد موسى*

لطالما كانت إيران تردد شعار (يجب أن تمحى إسرائيل من الخريطة وتجتث من فوق الأرض) في كل مناسبة، وعلى لسان أعلى مسؤولي هرم الدولة؛ بدءًا من الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران وصاحب هذه المقولة، مرورًا بخليفته المرشد الحالي للثورة الإيرانية علي خامنئي، ووصولًا إلى جميع القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين بلا استثناء.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ألم تكن كل الاختراقات الاسرائيلية السابقة لسيادة إيران على مر سنوات عمر الثورة الإسلامية، وتنفيذها اغتيالات في صفوف النخبة الإيرانية من قادة عسكريين وسياسيين وعلماء وخبراء، وتوجيهها ضربات موجعة لمقرات حساسة ومراكز استراتيجية، ألم يكن ذلك كله كافيًا لتترجم إيران هذا الوعيد على أرض الواقع وتخلِّص العباد والبلاد من شرِّ هذا الكيان أم أنه لا يعدو أن يكون شعارًا أجوف أُعد للاستهلاك الداخلي والخارجي، ولتأجيج مشاعر الدهماء ولجلب تعاطف الشعوب في العالم الإسلامي وللتغطية على المشروع الإيراني المخرِّب في المنطقة وفي العالم العربي، في الوقت الذي تنهج فيه إيران سياسة براغماتية تجاه إسرائيل للحفاظ على مصالحها وتحقيق مكاسب جديدة؟

إلى متى ستظل إسرائيل تنتهك حرمة إيران وتتعدى على سيادتها بينما طهران تكتفي بدور المتفرج وبالاحتفاظ بحق الرد في الوقت والمكان المناسبين؟ ألم يحن الوقت لتوجيه ضربات قاسمة لهذا الكيان والتخلص من هذه الغدة السرطانية -كما توصف إيرانيًا-؟

يبدو هذه المرة أن اغتيال إسماعيل هنية فرصة سانحة لتستثمرها إيران مثلما استثمرت أمريكا ضربات الحادي عشر من سبتمبر للتخلص من معارضيها في العالم وتثبيت نظام عالمي جديد. يجب أن تكون الضربات التي تلقتها إيران، سواء على ترابها أو في المناطق الخاضعة لنفوذها، إيذانًا ببدء حملة داخلية واسعة لاستئصال أذرع إسرائيل وأعينها وآذانها، بعدما حولت هذه العوامل إيران ساحة للعب إسرائيل دون رقيب أو حسيب.

لكن السؤال الذي يطرح بحدة كيف السبيل إلى الوصول إلى خيوط العنكبوت الإسرائيلية داخل إيران؟ وهل فعلا هناك نية حقيقية لتطهير البيت الإيراني الداخلي بما يسمح بمواجهة إسرائيل عسكريًا دون الخشية من خناجر الغدر في الداخل؟

أسئلة كثيرة وغيرها تطرح في هذه الآونة بينما العالم يترقب طبيعة الرد الإيراني الموعود وحجمه. هل ستنجح إيران في هذا الاختبار وتوجه ضربات موجعة وحقيقية لتحفظ ما بقي من ماء وجهها؟ هذا ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة.

*أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن، مترجم ومختص بالشؤون الإيرانية