بقلم: د. أحمد موسى*
بعد يوم واحد فقط من اغتيال إسماعيل هنية بطهران نشرت الصحف الصادرة بإيران صباح يوم التالي للاغتيال، وكما كان متوقعا، رسالة مرشد الجمهورية الإسلامية وردود الفعل الداخلية والخارجية على عملية الاغتيال. وبدا أن هذه الصحف لم تولِ قضية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس وضيف إيران في مراسم تنصيب الرئيس الأهمية التي تستحق، إذ لم تغط كيفية تنفيذ العملية وحيثياتها ولم تنشر صور المكان الذي اغتيل فيه، ولم توجه أصابع الانتقاد للمسؤولين العسكريين في إيران.
قراءة في أبرز عناوين الجرائد تشير إلى أن الصحف المحسوبة على التيار المحافظ مثل يومية همشهري، ووطن امروز، وكيهان أكدت جميعها على الانتقام القاسي من أمريكا وإسرائيل.
وفي خضم تأكيد عدد من الصحف على الانتقام القاسي، نجد يومية جمهوري اسلامي في مقال يحمل عنوان (تطهير عميق للمدسوسين) تكتب: «أهم من الانتقام يجب أن نقطع الطريق على تغلغل العدو في الجو والأرض وأن نكشف العناصر العميلة التي غفلنا عنها ونعاقبها»
واعتبرت هذه المنابر الإعلامية أن وجود العوامل المندسة في الداخل الإيراني هي المعضلة الكبرى، وكتبت: «لكي نحمي أنفسنا من الاغتيالات يجب أولا أن نقويَّ عمليات رصدنا إزاء طائرات العدو، ثم القیام بتطهير جهازنا الأمني والاستخباراتي من المندسين».
أخذ ثأر الضيف يقع على عاتق المضيف:
من بين كل الجرائد انفردت كيهان بنشر رد قوي ولاذع على عملية الاغتيال، وهددت أمريكا وإسرائيل وأيضًا القوى الداخلية التي أسمتها “الفئة المستغربة”.
وتحت عنوان (الانتقام لدم الضيف يقع على عاتق المضيف، والعالم بالانتظار) كتبت هذه الصحيفة: «لا شك أن الصهاينة سيدفعون ثمن دم الشهيد هنية دمًا. وحتما على العالم أن يترقب قتل الصهاينة قتلة الكلب» ولم تشر هذه الجريدة بأصابع النقد لأي مسؤول إيراني، باعتباره مضيفًا، عن تقصيره في حماية الضيف وتهاونه فيه.
أما صحيفة جوان المحسوبة على الحرس الثوري فقد أفادت في مقال عنونته بـ(إسرائيل في رعب من الانتقام الضاغط من كل الجبهات) بوجود استعدادات لخوض هجوم شامل على إسرائيل وكتبت: «من صنعاء إلى طهران ومن هنا إلى بغداد ودمشق وبيروت، ومن هناك إلى قلب غزة، محور المقاومة يعد العدة للقيام برد واحد»
في حزن ونطلب الثأر:
أما يومية وطن امروز التابع للتيار المحافظ وتحت عنوان (في حزن ونطلب الثأر) اتبعت نفس نهج جريدة كيهان في اعتبار أمريكا وراء هذه العمليات، وانتقدت المعارضين للحرب في الداخل. مما جاء في هذه الصحيفة: «للأسف نسمع خلال هذه الأيام، وعلى غرار فترة روحاني وخاصة بعد اغتيال الشهيد سليماني، أصواتا في الحكومة تميل إلى أمريكا. أصوات تسعى إلى تبرئة البيت الأبيض من هذه الجريمة النكراء بتوجيه الأضواء على نتنياهو والكيان الصهيوني»
*أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن، مترجم ومختص بالشؤون الإيرانية