تتكبد النساء خلال شهر رمضان الفضيل عناء تحضير المائدة الرمضانية يوميا، ويقضين وقتا إضافيا في المطبخ لإعداد الطعام وهن صائمات، لكن تعبهن هذا لا يذهب هباء ، إذ يجازين عليه من طرف الأب او الزوج او الأخ ، بما يسمى “حق الملح”.
حق الملح هي عادة مغربية أصيلة مرتبطة بشهر رمضان وعيد الفطر، تعزز أواصر المحبة داخل الأسر وبين الأقرباء، وتعترف بجميل النساء “صانعات الطعام” لأسرهن طيلة شهر رمضان، مع ما يرافق ذلك من تعب ومشقة.
وتعرف هذه العادة عند جميع سكان شمال إفريقيا، لهذا نجد أن هناك اختلافا في التسمية بين الدول المجاورة كالجزائر وتونس وليبيا، فهناك من يطلق عليها حق الملح أو حق الطعام أو التكبيرة. وعلى الرغم من الاختلاف في التسمية فإن مضمونها يظل نفسه، وهو اعتراف بمجهودات المرأة .
على الرغم من التحولات والتطورات التي عرفها المجتمع المغربي، خاصة ما فرضه زمن العولمة، حيث تنتشر ثقافة الاستهلاك مثل الوجبات السريعة، وبروز الفردانية ، فإن بعض الأفراد يحافظون على هذه العادة ويعتبرونها جزءا من الهوية المغربية (تمغرابيت).
وكمثال على ذلك، “ما زلنا نسمع البعض يردد عبارة “شركنا الطعام” بمعنى أن قوة الرابط الاجتماعي يمر عبر هذا الاشتراك في تناول الطعام، حتى أنه في بعض الأحيان يأخذ طابعا مقدسا، حيث يتم أداء القسم عليه في حالة الخلاف “وحق الطعام لي شركناه”. وهنا يصبح الطعام ليس مجرد وسيلة ، وإنما يصبح هندسة ثقافية اجتماعية لتقوية الروابط الاجتماعية أي العائلية ، وهنا تكمن التمغربيت .