من يتابع الصحافة الجزائرية، سيكتشف مدى حضور المغرب في مقالات صحافييها. لا يوجد نجاح مغربي، قل شأنه ام كبر، إلا ويقابل بحساسية جزائرية مفرطة. لو كان الأمر يتعلق بالتنافس الشريف، من قبل الجار إزاء جاره، سعيا إلى تحقيق الأفضل، خدمة لمصالح شعبه، لما كان في ذلك ضير.
غير ان التنافس المرضي، الذي تكون دوافعه قائمة على الغيرة والحقد والحسد، لن يؤدي إلا إلى الزيادة في منسوب التوتر، وبالتالي توتير المنطقة المغاربية، والأفريقية ككل. فإذا كانت للجزائر الرغبة في منافسة المغرب على صناعة السيارات، او انتاج الهيدروجين الأخضر (او غيرهما)، فلا بأس من هذا التنافس، وإن كان الجار الشرقي لا يتعدى في هذا ان يكون مجرد “تابع” في التقليد (كعادته).
لنترك محاولات السطو الأعمى، الذي يبدأ بالزليج ولن ينتهي بالبسطيلة، إلى محاولة السطو الأخيرة على شرف تنظيم كأس أمم أفريقيا 2025. ولولا قرار اللجوء الى شركة خبرة ألمانية في الاستشارات، ممثلة في شركة “رولاند بيرجي”، في آخر لحظة، لتقييم كل الملفات المتنافسة، بما فيها الملف الجزائري، لكان تنظيم الكأس الإفريقية من نصيب نظام العسكر، بتواطؤ من بعض الأطراف في الكاف، غداة انعقاد ” مسابقة الشان” بالجزائر، قبل أسابيع عدة.
ولذلك، كان اللجوء إلى الشركة الألمانية بمثابة ضربة قاصمة لحلم الجنرالات غير المشروع، في تنظيم كأس أمم أفريقيا 2025. ولقد لاحظ الجميع، سواء عبر الصور المسربة عن زيارات الخبراء للمرافق الرياضية الجزائرية، ام عبر تعليقات الإعلام الجزائري نفسه، مدى الضيق الذي بات يشعر به نظام العسكر. الأمر لا ينحصر في الظفر بتنظيم الكأس الإفريقية فحسب، بل يتعداه إلى الشهادة بأهلية البلد المنظم من حيث التوفر على البنيات التحتية، التي يحتاجها تنظيم مثل هذه التظاهرات الإفريقية.
اذا استطاع المغرب الظفر بتنظيم الكأس، بناء على تقرير الخبراء الدوليين، فسيعني ذلك شهادة تفوق البلد، على مستوى البنيات التحتية، من ملاعب وطرق وفنادق (إلخ)، بالمقارنة مع الجزائر.
لو حصل الظفر بتنظيم الكأس الإفريقية، فإن المغرب سيكون قد حقق نقطتين: شرف التنظيم من جهة، والاقرار بجودة البنيات والخدمات. ولعل هذا ما لا يريده نظام الجنرالات، عبر السعي، بكل الطرق، لشراء أصوات بعض أعضاء مكتب الكاف.