كان قد قال وزير الإعلام الموريتاني السابق، في أثناء السجال حول دخول الجيش المغربي إلى مدينة لكويرة، ما يلي: “ليست عندي خشية من المغرب، ولا توجس، ولا اي مصدر قلق”. من شبه المجمع عليه، بين النخب السياسية والمدنية والعسكرية الموريتانية، ان الامتداد الترابي المباشر بين المغرب وموريتانيا، أفضل للاخيرة من ان تتوسطه دولة أخرى دخيلة. على الاقل، العلاقة المغربية-الموريتانية كتب لها ان تستقر وتترسخ منذ عقود، اي منذ ان اعترفت المملكة بالجمهورية. ما يثار من “سجالات” اعلامية، حول حقوق المغرب في موريتانيا، بين الفينة والاخرى، نظير ما افتعلته تصريحات الأستاذ احمد الريسوني، مؤخرا، لا تعدو “زوابع فنجان” كما يقال. ولذلك، لم تحدث تلك التصريحات اي سوء تفاهم بين الأطراف الرسمية في الجهتين.
ان الحياد الموريتاني الإيجابي، في موضوع الصحراء المغربية، يتحول إلى انحياز صريح لوحدة المملكة الترابية. ولولا الخشية من التخرص الجزائري، في ظل نظام عسكري متشنج، لكان الموقف الموريتاني أكثر علانية. ومع ذلك، فإن مؤشرات الانحياز إلى الموقف المغربي، تبدو مؤشراتها دالة بقوة، حين ندرك قيمة التوقيع على احدى المذكرتين، في منتصف شهر شتنبر الفائت، بشأن نقل الغاز بين نيجيريا وموريتانيا والمغرب، وبالطبع عبر الأقاليم الجنوبية للمملكة.
بمثل هذه الاتفاقيات، يتفكك الطوق الجغرافي، الذي تسعى الجزائر بناء اساساته، لحصار المغرب، منذ نجاح الجيش المغربي في فتح معبر الكركرات. من حسن الحظ، ان ليست لنا حدود مع تونس قيس سعيد. اما الجوار مع مالي وبوركينافاسو والنيجر، وان كان غير معاد للمغرب، فإن حدود التدخل الجزائري فيه ضد المغرب شبه منعدم. بل بالعكس من ذلك، هناك أنباء شبه مؤكدة عن تحول ايجابي جذري قريب لدولة النيجر، في الموقف من قضية الصحراء.
بالعودة الى موريتانيا، يظهر ان التخبط الجزائري أكثر وضوحا، كما يتجلى في فشل معظم المشاريع المبرمجة بين الدولتين. موريتانيا أقرب الى المغرب من حبل الوريد، ثقافيا وحضاريا وحتى مزاجيا. ولذلك، كان هذا القرب اقوى معنى، من حيث متانة أواصر التفاهم والتعاون. اما من الناحية الواقعية، وضمنها الاستراتيجية، على مستوى الصراع الإقليمي في المنطقة، فالموريتان باتوا يدركون ان المغرب انهى قضية الصحراء لصالحه، سياسيا وتنمويا وعسكريا.
غير أنه لتطيب نفس موريتانيا، على المغرب ان يشجع على تسريع وتيرة تنفيذ مضامين ما خلصت إليه الدورة الثامنة، للجنة العليا المشتركة، المنعقدة خلال شهر مارس الماضي. وبالموازاة مع ذلك، فالمطلوب من الجهات القنصلية المغربية استثمار كامل طاقاتها في الاستجابة لطلبات التاشيرة المتزايدة، من قبل الموريتانيين باتجاه المغرب.