زيارة السيد ستافان دي ميستورا المبعوث الأممي للصحراء المغربية إلى مخيمات تندوف حيث توجد مقرات و (معتقلات) الميليشيا الإنفصالية تندرج في إطار المساعي الأممية لإيجاد حل سلمي سياسي عملي قابل للتطبيق في إطار السيادة المغربية إلتزاما بالقرار الأممي 2602 لملف الوحدة الترابية .
الميليشيا الإنفصالية تحاول في كل زيارة يقوم بها المبعوث الأممي إلى تندوف الإكثار من الشكليات التنظيمية و البرتوكولية النمطية في برنامج الزيارة ، كترتيب لقاءات متعددة مع أكثر من جهة داخل الميليشيا الإنفصالية و زيارات ميدانية لمدارس أو إستعراض أسلحة مهترئة في متاحف للترويج الإعلامي و السياسي بأن الميليشيا تمتلك مؤسسات سيادية و قيادة جيش و برلمان و مجتمع مدني للتغطية على حقيقة ثابثة كرستها المواقف والأحداث المتتالية بأنها ليست إلا صنيعة الأجهزة السرية في الجزائر و مجموعة من المرتزقة في خدمة المشروع البومديني التوسعي للهيمنة و السيطرة على مقدرات باقي شعوب دول المغرب الكبير .
السيد ستافان دي ميستورا الخبير الأممي في فض النزاعات و الديبلوماسي الأممي المرموق يبحث عن حل سياسي من خلال لقاءاته المتعددة مع جميع الأطراف و خاصة المغرب و الجزائر التي تعتبر الطرف الرئيسي في هذا النزاع المفتعل الذي يهدد الأمن الإقليمي و العالمي في ظل إحتداد حالة الإستقطاب العالمي خاصة بعد الأزمة في أوكرانيا والوضع المأزوم في منطقة بحر الصين الجنوبي و صراع المحاور في الشرق الأوسط ، وفق إستراتيجية فعالة لمعالجة إشكاليات هذا الملف تعتمد بشكل أساسي على الموائد المستديرة والحوار الإستراتيجي المباشر مع جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة
.اليوم العديد من المعطيات تغيرت على الخريطة ،واقع سياسي وديبلوماسي و إقتصادي مغربي جديد يبرز بقوة و بشكل تلقائي .
المملكة المغربية تسير وفق إستراتيجية واضحة المعالم تهم المسار التنموي المستدام في الأقاليم الجنوبية ببرمجة مشاريع إقتصادية عملاقة (كالطريق الدولي تزنيت / الداخلة / الكركرات – العملاق الإفريقي ميناء الداخلة – مشاريع الطاقات المتجددة – الإستثمار في القطاع السياحي) و ذلك بإشراك فعلي للساكنة في الفعل السياسي والإقتصادي داخل إطار دستوري عنوانه ورش الجهوية الموسعة .
على مستوى تحصين المكتسبات تبقى” ديبلوماسية القنصليات” كإستراتيجية سياسية ببعد تنموي ينهجها المغرب من أجل إكتساب دعم إقليمي ودولي يقوي طرحه السيادي للحكم الذاتي و يعجل بقرار الحسم السياسي للملف الذي يبتدأ بطرد ميليشيا البوليساريو الإنفصالية من الإتحاد الإفريقي .
على المستوى الأمني إستطاع المغرب أن يعزز فرص السلام و الإستقرار بالمنطقة بتأمين أسود القوات المسلحة الملكية المغربية للمعبر الحدودي الدولي الكركرات و طرد ميليشيا البوليساريو من محيطه ثم فرض منطقة حظر جوي و بري على المنطقة المغربية العازلة الممتدة حتى الحدود مع موريتانيا شرق الجدار الأمني .
و ما عودة رالي باريس /دكار إلى مساره الطبيعي ليعبر الصحراء المغربية من جديد في دورته 14 في أكتوبر المقبل إلا دليل على نجاح المقاربة الأمنية و العسكرية المغربية لفرض الإستقرار في الأقاليم الجنوبية المغربية من الحدود الموريتانية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا .
في الجانب الآخر لازالت الجزائر تتخبط في صراع داخلي بين أجنحة النظام الشمولي خصوصا الواجهة المدنية ممثلة في الرئيس تبون وجنرالات حقبة العشرية السوداء مع تعالي أصوات و بوادر دعوات لعودة الحراك الشعبي إلى الشوارع مع الدخول الإجتماعي و الفشل في تدبير الملف الإقتصادي و إرتفاع نسبة التضخم و ندرة المواد الأولية في الأسواق مما سيؤدي إلى إحتقان شعبي غير مسبوق يغذيه تورط الجزائر في صراعات إقليمية متعددة و فشل ديبلوماسي على جميع الواجهات بعد النجاح (الإعلامي!!!) لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دون أثر إقتصادي يذكر، وفشل الجزائر في تدبير الأزمة الديبلوماسية مع إسبانيا و العملية المفضوحة لفرض إستقبال مجرم الحرب إبراهيم غالي في قمة تيكاد 8 في تونس بضغوط جزائرية كبيرة على دولة منزوعة السيادة هي تونس نظير وديعة بقيمة 300 مليون دولار و تفضيلات في أثمنة الغاز و النفط .
النظام الجزائري يسعى لفرض رؤيته الأحادية لملف الصحراء المغربية من خلال الهيمنة الإقليمية عن طريق تكرار الأسطوانة المشروخة الداعية لحل يستحيل تطبيقه قانونيا و عمليا و هو الإستفتاء.
الميليشيا الإنفصالية هي الأخرى تعيش حالة من من التشظي و التيه الإيديولوجي و الإنهيار التنظيمي نتيجة القيادة البهلوانية لإبراهيم غالي و باقي مجموعته العسكرية و الفشل الذريع في جر المغرب إلى حرب إقليمية بسبب السيادة الجوية للمسيرات المغربية على المنطقة الأمنية التي أصبحت محرمة و محظورة على مركبات المرتزقة شرق الجدار الأمني و إكتفاءها ببلاغات عسكرية وهمية عن أقصاف هلامية غير حقيقية ، مما أثر على تماسك التحالفات القبلية داخل مخيمات الذل و العار و تصاعد المواجهات المسلحة بين زعماء الاجنحة المتقاتلة داخل الميليشيا بسبب ركود تجارة التهريب بكل أنواعه نتيجة السيطرة الأمنية المغربية على المنطقة العازلة و توقف المسارات التقليدية للتهريب .
في وقت تتعالى فيه أصوات المنظمات الحقوقية الدولية للكشف على إنتهاكات بالجملة لمنظومة حقوق الإنسان داخل المخيمات و في المعتقلات السرية ( تجنيد الاطفال – الإختفاء القسري و الإختطاف – قضايا الإغتصاب المتورطة فيها قيادات الصف الاول من الميليشيا – العلاقات المشبوهة مع الجماعات المتطرفة بالصحراء الكبرى – الإتحار في البشر – تهريب المساعدات الدولية ).
زيارة دي ميستورا لمخيمات تندوف تبقى جزءا من الروتين السياسي الذي يعيشه ملف الوحدة الترابية منذ عقود داخل أروقة الأمم المتحدة في ظل أزمة إنسانية عميقة يعيشها المحتجزون في المخيمات و ستؤكد له بشكل واضح عدم مسؤولية الميليشيا و عدم إستقلالية قرارها السياسي عن جنرالات الجزائر لما سيكتنفها من إرتجال ديبلوماسي و أخطاء في تقدير الموقف السياسي العام والتضارب في التصريحات المعادية للعملية السياسية و التهديد بالعنف المسلح من طرف قيادات الميليشيات المختلفة .
هذا الزيارة ستؤكد على الموقف الثابت للمغرب و الإنخراط الجدي و المسؤول في الحل السياسي الذي يكرسه القرار الاممي 2602 و كذا رؤية المبعوث الأممي القائمة على إعتبار الموائد المستديرة بمشاركة كافة الأطراف هي الآلية الآلية الوحيدة لتدبير المسلسل السياسي و التفاوضي، وإستكمال هذا المسلسل بما يؤدي إلى حل واقعي هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.