أخباركتاب الرأيمجتمع

الصوت النشاز في مسيرة الرباط

بقلم: عبد الدين حمروش

شهدت الرباط مسيرة حاشدة، خرج فيها المغاربة، اليوم، متضامنين مع الفلسطينيين بغزة، جراء ما يحدث لهم من إبادة جماعية على أيدي سلطات الاحتلال. لم تكن هذه المسيرة هي الأولى في تعاطف المغاربة مع إخوانهم الفلسطينيين، كما لم تكن الأولى من حيث الحشود المشاركة فيها.

لقد تخطى الاحتلال كل الحدود في القتل والتدمير، وعلى مرأى المنتظم الدولي، بدوله ومؤسساته وهيآته. لقد صارت مشاهد الخراب والحرق من يوميات الفلسطينيين في غزة، كما في الضفة الغربية. والأخطر من كل هذا، أن يتآلف الضمير الإنساني مع تلك المشاهد القاسية: أن ينام معها، ويستفيق عليها؟

المأساة، التي تمر بها البشرية، اليوم، في إطار اللامبالاة الجارية، إن لم نقل العجز المطلق، بقصد أو بدونه، لابد أن تترك جروحا غائرة في الروح الإنساني، لن تمحى إلى الأبد. غير أن هذه المأساة الفاقعة، لم تقابل من قبل بعض الأقلام، إلا بقدر من المناكفة الخاوية: شكون اللي منظم المسيرة؟ علاش المشاركات لابسات الحجاب؟

هل السياق الحالي، حيث الإبادة تجري، يسمح بمثل تلك المزايدات السياسوية الصغيرة؟ على الأقل، حتى لو تبنى هؤلاء وجهة نظر مختلفة بشأن التعاطف المغربي مع الفلسطينيين، أو بشأن الصراع الفلسطيني ( العربي) الإسرائيلي نفسه، ما كان لذلك أن يخرج للعلن، الآن، حيث آلة القتل الصهيونية المجرمة في عجلة من أمرها، إلى إبادة شعب كامل، بأطفاله ونسائه، بشيبه وشبابه. أيا كان المتضامن، وأيا كانت المتضامنة، لا ينبغي أن ينقل الموضوع: من إبادة الفلسطينيين إلى طبيعة المشاركات في مسيرة الرباط: بحجاب أو بدون حجاب. كما لا ينبغي أن ينقل الموضوع من فلسطين إلى المغرب.

البلاد في حاجة إلى جميع أبنائها، في مختلف خلفياتهم الإيديولوجية، وألوانهم السياسية. كما أن البلاد في حاجة إلى جميع وجهات النظر، حتى الشاذة التي تعاكس وجهة نظر الأغلبية. لكن، عفوا، حين يتعلق الأمر بمأساة إنسانية، فأعتقد أن لا مجال للمزايدة السياسوية الصغيرة. خاص بحال هؤلاء المزايدين يكبرو شي شوية..يكبرو في ضميرهم الإنساني. الوقت مازال باقي للمناكفة السياسوية بالنسبة إلى من يحبها، ويسعى إليها سعيا.. غير فشي سياق آخر ماشي بحال هذا.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci