تُعَدُّ قضية النفقة واحدة من المسائل الحساسة التي تُثار بشكل متكرر في النقاشات الاجتماعية والقانونية بالمغرب.
في الآونة الأخيرة، أثار تصريح وزير العدل عبد اللطيف وهبي خلال مروره في برنامج “حوار خاص” الذي تبثه قناة “دوزيم.ما” على يوتيوب، في معرض إجابته عن الأسئلة المطروحة بشأن مدونة الأسرة وموقفه من قضية النفقة بعد الطلاق، “إن المرأة يجب أن تعطى لها جميع حقوقها، ولكي يتم ذلك، يجب معرفة ما يملكه الرجل وما تملكه المرأة، لأن المسؤولية المالية مشتركة بين الطرفين. جدلاً واسعاً.
هذا التصريح جاء في إطار نقاش أوسع حول حقوق وواجبات كل من الرجل والمرأة في ما يتعلق بالمسؤوليات المالية بعد الطلاق، كما أن جريدة “الكوليماتور” قد أجرت استطلاعاً للرأي العام المغربي لمعرفة مدى استعداد النساء لتحمل مسؤولية النفقة إذا كان دخلهن أكبر من دخل الرجل.
في استطلاع جريدة “الكوليماتور”، أظهرت أغلب التصريحات يعتقدون أن الرجل هو من يجب أن يتحمل مسؤولية النفقة على الأبناء.
يرى هؤلاء أن المسؤولية المالية تعود في الغالب إلى الرجل، وهو ما يعكس تصوراً تقليدياً لدور الجنسين في المجتمع المغربي. وعلى الرغم من هذا الرأي السائد، جاءت تأكيدات بعض النساء بأنهن يؤيدن المساواة التامة، حتى في مجال النفقة.
أكدت إحدى المواطنات أنه إذا كانت المرأة تبحث عن المساواة في جميع جوانب الحياة، فإنه ينبغي عليها أيضاً أن تتحمل مسؤولية النفقة بنفس الطريقة التي يتحمل بها الرجل، وفي حال رفضت ذلك، يجب أن تُعاقب بنفس الطريقة.
تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي زادت من حدة النقاش عندما أكد على ضرورة تحقيق التوازن والعدالة في مسألة النفقة. واعتبر وهبي أن النساء يجب أن يتحملن المسؤولية المالية إذا كان دخلهن أعلى من دخل الرجال، منوهاً إلى أن مدونة الأسرة الجديدة قد تتضمن قوانين تضمن هذه المساواة.
وهبي يؤكد أن المسؤولية المالية يجب أن تكون مشتركة بين الزوجين، وأن التوازن في هذا المجال يعد جزءاً من تحقيق المناصفة.
من الناحية القانونية، تشير النصوص الحالية في مدونة الأسرة إلى أن النفقة واجبة على الزوج وفقا للمادة 194، ويمكن للزوجة المطالبة بالتطليق في حال إخلال الزوج بهذا الالتزام، كما أن نفقة الأبناء تُعد مسؤولية الأب أولا، وإذا كان الأب معسرا، يمكن أن تكون الأم ملزمة بالنفقة، وفقا للمادة 199.
تُعَبر قضية النفقة عن أحد أوجه الصراع بين المساواة والعدالة الاجتماعية في المجتمع ،ومن جهة، تعكس الآراء التقليدية التي تدعم تحمل الرجل لمسؤولية النفقة استمرار بعض التقاليد الاجتماعية، بينما تعكس الآراء الحديثة والنسوية مطالبة بالمساواة التامة في جميع المجالات بما في ذلك المسؤوليات المالية.
تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي تفتح المجال أمام إعادة النظر في القوانين الحالية، وتطرح تساؤلات هامة حول كيفية تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع المغربي، إن النقاش حول هذه القضية يتطلب تفكيراً عميقاً وتوازناً بين مختلف المصالح والحقوق لضمان تحقيق الإنصاف والعدالة للجميع.
تصريح السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل: