بقلم: عبد الدين حمروش
ماذا يقصد رئيس الحكومة، عزيز اخنوش، حين صرح بأن أزمة التعليم الحالية هي أخف وطأة من القادم، متمثلا في تداعيات الجفاف، المتوقعة خلال الأشهر المقبلة؟ هل يقصد أخنوش صرف الانتباه عن تعطل الدراسة في المدارس والاعداديات والثانويات، بفعل إضرابات الأساتذة المستمرة، والتي عجزت الحكومة عن إيجاد حلول لها، ما ترك أجيالا من المغاربة، بالتالي، عرضة للجهل؟ هل تجوز المقارنة بين الأزمتين: أزمة الجفاف وأزمة التعليم؟
للوهلة الأولى، يمكن الإشارة إلى ان الأزمتين ليستا بجديدتين، بل هما بنيويتان في المغرب منذ زمان. وإذا كان هناك من نقد لجميع الحكومات، المتعاقبة على تدبير الشأن العام ببلادنا، فهو الفشل في إيجاد حلول جذرية للأزمتين معا. وإن كان الجفاف ظاهرة طبيعية في الأغلب الاعم، أي من دون احتساب التدخل البشري في تفاقم الاحتباس الحراري، الا ان الحد منه موكول للحكومة، عبر اتخاذ مجموعة من التدابير الممكنة والناجعة. إلى متى، ستظل سياستنا العمومية رهينة لنسبة التساقطات المطرية؟ ألم يكن من الأجدر إيلاء العناية بإنشاء محطات التحلية، بدل المبالغة في بناء السدود، في بلد قلت فيه التساقطات المطرية أصلا؟
هل يريدنا رئيس حكومتنا ان نغض الطرف عن تعطل المدارس العمومية، الذي بات يلقي باجيال إلى الجهل، بعد ذلك الذي حصل لها من جراء تبعات كورونا؟ أليس ضياع الأسر في مستقبل أبنائهم رديفا لضياعهم في معاشهم، على خلفية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية؟
ان المغرب يعيش، اليوم، أزمة اجتماعية خانقة، انضافت إليها أزمة توقف عجلة التعليم. وبغض النظر عن مسببات الأزمة في هذا القطاع، التي لم تبرح مكانها منذ سنوات الاستقلال الأولى، فإن الحكومة مسؤولة عن إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها، مثلما هي مسؤولة عن تدبير تداعيات الجفاف أيضا. ولذلك، فليس من المفيد المزايدة على المغاربة، عبر المقارنة بين السيء الحالي والأسوأ القادم.
هناك حكومة، بأيديها القرار، وبالتالي مطلوب منها ان تقارب الأزمتين، بما يخفف عن المغاربة، لا ان يخوفهم من القادم. وعلى الرغم مما يمكن قوله عن الوضع الاجتماعي الصعب في البلاد، الا ان التطلع إلى مقاربة حكومية مبدعة، من شأنها ان تبعث الأمل في نفوس المغاربة.
فالحكومات وجدت، بالدرجة الأولى، لتدبير الندرة، لا لتصريف الكثرة. وفي هذا، تنجح الحكومات أو تفشل؟ فهل يفتقد المغاربة “بدر” حكومة أخنوش في هذه الليلة الظلماء؟