برونيكو مدينة ايطالية، ذات أغلبية جيرمانوفونية، على حدود النمسا. المدينة جزء من مقاطعة ألتو- أديجي، التي تتمتع بالحكم الذاتي. الساكنة تتحدث بالألمانية عادة، مع استعمال الإيطالية في سياقات معينة، بحكم اندراج المقاطعة ضمن تراب الدولة الإيطالية. تراجعت المطالب الأثنية والثقافية، منذ ان تمتعت المقاطعة بالحكم الذاتي.
في المغرب، اختارت الدولة تمتيع الساكنة الصحراوية، في أقاليمنا الجنوبية، بالحكم الذاتي، باعتباره حلا واقعيا (لا غالب فيه ولا مغلوب). هكذا، يمكن للحكم الذاتي، في ظل المواطنة الحق، ان يكون بديلا عن الصراعات، وإهدار المقدرات الوطنية.
لا حاجز أمام الحكم الذاتي، الذي يمكن ان يتوسع في أقاليم مغربية أخرى، ضمن ما يسمى الجهوية الموسعة، إلا المناكفة الجزائرية المرضية (بفتح الميم والراء). وفي الوقت، الذي يدافع فيه المغاربة، بمختلف احزابهم وقواهم الحية، عن مغربية اقاليمهم الجنوبية، اقتناعا وإيمانا واعتقادا، فإن الجزائر لا تعمل الا على ترسيخ النزاع، مع ادعاء ان لا اطماع لها في الصحراء.
“القضية” بين أيدي الأمم المتحدة، وما على الجزائر الا ان ترفع ايديها، لكي يتحقق الحل السلمي الواقعي المقبول. ان تصبح الصحراء القضية المركزية لدى الجار الشرقي، ينم عن ان ليس لها عقيدة وطنية سوى منازعة المغرب، توقعا لتحقيق غلبة استراتيجية في شمال إفريقيا. بدل المغالبة، هناك بديل آخر ممثل في التعاون.
لا احد بيننا يرغب في اشتعال الحرب، ولا إهدار موارد الشعب في تكلفتها الفادحة على التنمية. ولا احد يرغب في ان نؤاخي الصهاينة، الذي يستغلون الفرص من اجل التغلغل في منطقتنا. هي لن تضعف النظام، بالتركيز على منازعته في الصحراء، لان هناك اجماعا وطنيا على مغربية الصحراء. يمكن للعم تبون ان يسافر شرقا وغربا، من اجل توقيع اتفاقيات وشراكات غير منصفة، على امل ان يتضمن بيان، هنا او هناك، إشارة ملتبسة إلى الصحراء.
مرات عديدة، مد المغرب يده إلى الجزائر. وبدل المصافحة، اختار حكام المرادية تأجيج الصراع. لن تربح الجزائر الا مع المغرب، ولن تخسر الا وهي ضد المغرب. في نظري، ينبغي الاستمرار في مد اليد، ولو ان حظوظ التوصل الى تفاهم ضئيلة اليوم. ببساطة، لان البديل هو الحرب غير المرغوب فيها ابدا. المغرب قادر على حسم الحرب، ولكن قدرته على تلافيها أكبر.هل تستيقظ الجزائر قريبا، وتتركنا نتجنب سيناريوهات، ليست في صالحها ولا في صالحنا؟ ربما، هي صرخة في واد. وكما قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا /// ولكن لا حياة لمن تنادي