من مستطرفات المغاربة، أن آمرأتين لكل واحدة منهما عين معذورة، وحصل بينهما من الخصومة ما أخذهما إلى تبادل السٍّباب والشتائم. فتدخلت جارتهما تحرض صاحبتها: ” قولي لها ؛ ألعورة قبل ما تقولها لك هي “.
ينطوي هذا على ما بيننا وبين الذين ابتلينا بجوارهم والذين يعيرون المغاربة بالفقر ! مع ان الفقر ليس عيبا، وليس هناك شئ أدل على قصور العقل وشدة الخبث من التعيير بالفقر، لأن الفقر قدر وليس أخلاقا. وفي شوارع نيويورك ولندن بؤساء ومشردون ، وقد يحدثك الفرنسي من الطبقة المتوسطة مطولا وبمرارة عن صعوبات الحياة في بلاده.
صحيح أن المقارنة بيننا وبين الاوربيين في ذلك يعترضها أنهم أقوى وأكثر تقدما ،وصحيح كذلك أن مظاهر العوز والتخلف أكثر مأساوية عندنا ولا يمكن بحال جحودها، وذاك مما يخجلنا كما يؤلمنا الفساد المستشري. ومع ذلك ؛ لا ينبغي أن نجحد جهد مقاومة الداء، أوننكر أن بلادنا جميلة والناس فيها كما قال الشاعر ” كالقمح طيبون”.
وللفقر أن يصير سُبًّة في حالة واحدة ،وهي أن يكون الفقير ممن أغناهم الله من فضله بسَعة في الرزق، ثم ظل فقيرا ،لم تظهر أثر نعمه عليه .
فهذا حال من يتشفى وعنده من البلوى مثلها ،بل عنده ما هو أدهى وأمرّ ؛دولة بترولية ولكنها دولة فاشلة .يموت شبابها غرقا في البحر المتوسط هربا من الفقر والبطش، وما أشدهما إذا اجتمعا .
ومن المحيِّر أنهم لا يشغلون أنفسهم بمقارنة حالهم بالخليجيين؛ بلدان آختارت أن تكون تنموية بدل أن تنزع إلى عسكرة الدولة والمجتمع ، فتبعث فيهم المقارنة أن يسألوا : لماذا لا توجد قوارب الموت عند القطريين والاماراتيين او السعوديين والكويتتين.؟!
رحم الله المتنبي الذي قال :
عجبت لمن له حد وقد // وينبو نَبْوَة القضم الكهام
ولم أر في عيوب الناس شيئا// كنقص القادرين عن التمام