العلاقات المغربية ـ الطوغولية.. إلتزام متبادل و شراكة إستراتيجية مستدامة (بقلم: البراق شادي عبد السلام)

في إطار الموقف الراسخ و الدعم الثابت لجمهورية الطوغو للوحدة الترابية للمملكة المغربية، التي تستمد قوتها من الروابط المتينة التي بين جلالة الملك محمد السادس ورئيس جمهورية الطوغو فور ايسوزيما غناسينغبي أعلنت وزارة الشؤون الخارجية بالطوغو عن إلغاء التأشيرة بين الطوغو والمغرب تنزيلا لمضامين الإتفاقية التي وقعها ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة و وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإقليمي والطوغوليين بالخارج، روبيرت دوساي، إتفاقية تتعلق بإلغاء التأشيرة لفائدة مواطني البلدين الحاملين لجوازات سفر عادية.

كما تم في وقت سابق إفتتاح قنصلية جمهورية الطوغو في مدينة الداخلة الذي يأتي في سياق إستراتيجية ديبلوماسية القنصليات التي تتنهجها الدولة المغربية للحسم السياسي لملف الوحدة الترابية مع التشبت بالمسار التفاوضي الرامي للتوافق حول حل نهائي تحت السيادة المغربية .

 

 

تسعى الرباط و لومي للإرتقاء بالعلاقات الثنائية المغربية الطوغولية لمستوى شراكة متعددة الأبعاد خاصة و أن حجم المبادلات التجارية لا يزال أقل من مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين الطرفين .

السوق الطوغولية تعتبر سوقا إستثمارية واعدة للمقاولات المغربية خاصة في المجال المصرفي و المالي حيث يتجه المغرب لتعزيز حضوره في القطاع البنكي عبر تأسيس فروع لبنك التجاري وفا بنك والبنك الشعبي وبنك إفريقيا و إحداث مجلس أعمال مغربي-طوغولي لمضاعفة الفرص الإستثمارية الواعدة .

 

 

 

 

ميناء العاصمة لومي ، يبرز كثاني أكبر ميناء عبور (ترانزيت) في إفريقيا جنوب الصحراء وخامس أكبر ميناء في القارة للبضائع كما أن الطوغو إستطاعت في السنوات الأخيرة حجز موقعها كمركز إقليمي للأعمال في منطقة غرب إفريقيا مرتكزة على شبكة علاقاتها الديبلوماسية و الإقتصادية المتنوعة مع مختلف القوى الفاعلة دوليا ( فرنسا – أمريكا – الصين – إسرائيل – الإمارات – تركيا ) .

 

 

 

 

في إطار ديبلوماسية الأسمدة من المرتقب أن نرى في المنظور القريب إستثمارات فلاحية مغربية في الطوغو التي تمتلك رابع أكبر رواسب الفوسفات في العالم و ويبلغ إنتاجها 2.1 مليون طن سنويا مما جعلها تحتل المرتبة 19 في الإنتاج العالمي، المكتب الشريف للفوسفاط عمد على تقديم المساعدة لتغطية أكثر من 1.2 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية في الطوغو لإنجاز الدراسات التقنية المتعلقة بخرائط خصوبة التربة حيث تم تقاسم التجربة العالمية الرائدة للمكتب الشريف للفوسفاط في التسميد المعقلن وأنظمة المعلومات الجغرافية إلى جانب مراقبة جودة الأسمدة و بالتالي زيادة الأمن الغذائي والرفع من القيمة الغذائية .

إستقبل المغرب لقاءات علمية و ندوات بمشاركة كيانات مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (مؤسسة OCP) ، جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية و OCP AFRICA)، و المعهد الطوغولي للأبحاث الزراعية (ITRA) .

هذه الندوات و اللقاءات العلمية هي جزء أساسي من الإستراتيجية العالمية لمحاربة الجوع و القضاء على الفقر في إطار الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بهدف توفير الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة ويحتل هذا الهدف الأولوية لدى برنامج الأغذية العالمي (FAO ) و الذي تنخرط فيها المملكة المغربية عبر مؤسساتها بشكل جدي و مسؤول .

في مجال الطاقة تعاني الطوغو من عجز كبير في مجال الكهرباء حيث تعتمد على إستيراد حاجياتها من الكهراباء من غانا و نيجيريا رغم محاولاتها الحثيثة لتحقيق الإكتفاء الذاتي بالعمل على إنجاز عدة مشاريع في مجال توليد الكهرباء حيث إتفقت توغو وبنين على إطلاق مشروع مشترك – محطة أدجارالا للطاقة الكهرومائية يجري بناؤه حاليًا على نهر مونو ، الذي يمثل الحدود بين البلدين ، على الرغم من التأخيرات الخطيرة والمخاوف البيئية ، يمثل المشروع الأمل لملايين الأشخاص الذين يعيشون بدون كهرباء في كلا البلدين .

كما أن إستراتيجية الطاقة التي أعلنتها الطوغو لازلت في حاجة إلى سوق الرساميل العملاقة للإستثمار فيها .
في هذا السياق يظل مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري ببعده التنموي الذي سيمر فوق الأراضي الطوغولية و العائدات المرتبقة لرسوم المرور من بين أهم الحلول التي تعتمدها الحكومة في لومي لحل الإشكالات الطاقية مستقبلا و لذا فإن العلاقات السياسية المغربية الطوغولية أخذت أبعادا جيوسياسية قوية تعتمد على مبدأ التكامل الإقتصادي و التعاون الثنائي المثمر لإستغلال كل الفرص الممكنة لتحقيق التنمية المستدامة في إطار سياسة رابح / رابح بين دول الجنوب .

مبدأ التكامل الإقليمي في إفريقيا يشكل حجر الزاوية في استراتيجية الاستقرار المستدام التي يطمح لها المغرب مع باقي شركاءه الأفارقة لإنشاء فضاءات إقليمية مستدامة قابلة للبقاء اقتصاديا تلبي التطلعات المشروعة للشعوب من حيث حرية الحركة والازدهار المشترك و هذا ما تمت ترجمته بدخول إتفاقية إلغاء التأشيرات لفائدة المواطنين المغاربة والتوغوليين حاملي جوازات السفر العادية حيز التنفيذ .

ديبلوماسية القنصليات هي ليست مجرد حفل برتوكولي لإفتتاح مبنى في العيون أو الداخلة كما يروج أعداء الوحدة الترابية .
هي إستراتيجية سياسية متكاملة بأبعاد إقتصادية و إنسانية تعتمد عليها الدولة المغربية لتعزيز تواجدها في القارة الإفريقية .