من كان يظن أنه في يوم من الأيام سيلتحم اسم نور الدين الصايل بالأندية السينمائية والتي تم إعطاء انطلاقتها عبر خلق أول نادي سينمائي بسجن عكاشة بالدار البيضاء من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج
المندوبية وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبحضور متميز لجمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان التي ستتولى مسؤولية تنشيط ثلاثة أندية سينمائية بمدينة الدار البيضاء وأكادير وأصيلة، مع طموح كبير لتعميم التجربة في مدن أخرى.
يعود بنا هذا الحضور لإسم نور الدين الصايل إلى نقطة انطلاقته الأولى عبر الأندية السينمائية وتدرجه في الدروب الصعبة للتحسيس بدور السينما لبناء الإنسان. لقد كان نور الدين الصايل سباقا إلى هذه التجربة الإنسانية حين أدخل السينما إلى السجن بخريبكة عبر مهرجان السينما الإفريقية. وهذا الإهتمام بهذا الفضاء المغلق يأتي من عمق إنساني وحساسية هائلة خبرت أهمية السينما كثقافة وانفتاح على العالم.
من شأن هذه العودة إلى الأندية السينمائية أن تشكل جبهة جديدة لنشر الثقافة السينمائية عند الأحداث في فضاء ما أحوجه إلى مثل هذه الفسحة الثقافية، وتأهيلهم للإدلاء بأفكارهم بالمشاركة في نقاش حول الفيلم.
إن البرمجة سترتكز على اختيار مجموعة من الأفلام المتميزة وحضور مخرجين وممثلين لتقديم أفلامهم ونسج حوار حول تجاربهم السينمائية.
هذه المبادرة لا يمكن إلا احتضانها كلحظة اسثتنائية في حياة السجين. في حوار صحافي مع عازفة البيانو الفرنسية الشهيرة آن كيفيلك، تذكرت أحد السجناء الذي أسر لها بعدما استمتع بعزفها في إطار عرض موسيقي للسجناء، أنه ماكان بإمكانه أن يعرف الطعم الهائل لسوناتات بيتهوفن لولا وجوده في السجن.
إن اختيار فيلم “علي صوتك” كعرض أول أمام السجناء بحضور المخرج نبيل عيوش، يعتبر خطوة هائلة في طريق لفت انتباه هؤلاء الشباب حول أهمية المقاومة والاستمرار في تحقيق حلم الإنعتاق من ظروف قاسية. لأن فيلم عيوش الأخير يحمل كل مقومات الأمل ويستنفر كل القوى الإيجابية من أجل السلم والبحث عن الجمال حيث يسود القبح.
لابد لهذه التجربة ان تستمر عبر حشد كل الجهود من أجل جعل هاته الأندية مقاما هائلا لنشر كل مقومات حياة أخرى تنبني على القيم النبيلة والحوار الذي يحترم الآخر ويمد له يد العون للنهوض من سقطته.
هذه الأندية التي تحمل اسم نور الدين الصايل لابد لها أن تظل موقدة بتلك النار التي ظلت مشتعلة في قلب الإنسان والمفكر والمحب للسينما والذي ظل وفيا حتى آخر رمق لتلك السينما التي كانت حياة ثانية مفعمة بالحلم والسلام.