
في خضم النقاشات التي تشهدها الساحة التعليمية بالمغرب، برزت ردود أفعال قوية من شريحة واسعة من الشباب، خصوصاً خريجي الجامعات، تجاه قرار وزارة التربية الوطنية المتعلق بتحديد سن اجتياز مباريات التعليم في ثلاثين سنة.
قرار اعتُبر من طرف كثيرين إقصائياً وغير عادل، وهو ما عبّر عنه عدد من الطلبة والمجازين، الذين أطلقوا نداءات وانتقادات واضحة تلامس عمق الإشكالية وتفضح اختلالات هذا القرار.
أحد أبرز محاور رد الشباب كان في تفكيك مبررات الوزير، الذي برر القرار بوجود “دراسة”.
غير أن الشباب يتساءلون: “أي دراسة؟ وأين نتائجها؟ وعلى أي أساس علمي ومنهجي بُني هذا القرار؟”.
يقول أحدهم: “هذه ليست دراسة، هذه حقيقة نعيشها نحن نعيش البطالة، التهميش، وننتظر مباراة واحدة تُفتح في السنة أو السنتين، ثم تفاجئوننا بإقصائنا لأننا بلغنا 30 سنة؟”
من بين أبرز ما ركز عليه الشباب في احتجاجاتهم هو أن الكفاءة التعليمية لا تقاس بالسن، بل بالمؤهلات، والاستعداد، والجدارة.
وقال أحدهم: “كيف يعقل أن إنساناً قضى أكثر من 17 سنة في الدراسة، وضحّى من أجل التحصيل، يُقصى فقط لأنه تجاوز 30 سنة؟” وأضاف آخر: “في دول كثيرة لا وجود لهذا التحديد العمري، فالكفاءة هي التي تحكم وليس شهادة الميلاد.”
شدد المتحدثين على أن القرار يضرب في عمق مبدأ تكافؤ الفرص، ويكرس التمييز ضد فئة واسعة من أبناء الشعب، خاصة المنحدرين من مناطق نائية وفقيرة.
واضاف للكوليماتور “نحن من تنغير، من أزيلال،… درسنا في ظروف صعبة، واليوم تُغلق أمامنا أبواب التوظيف الوحيدة!” يقول أحد الطلبة. وأضاف آخر: “نحن لا نطالب بالمحاباة، بل نريد مباراة عادلة، تتيح لكل من يرى في نفسه الكفاءة أن يتقدم.”
أجمع الشباب على مطلب واضح: مراجعة قرار تحديد السن، وإعادة فتح الباب أمام جميع المجازين، دون حيف أو تمييز. وأكدوا أن القوانين الحالية، وخاصة قانون الوظيفة العمومية، يحدد سن الترشح في 45 سنة، فما الذي يجعل التعليم استثناءً؟
كما ألحّوا على ضرورة أن تُربط المباراة بالكفاءة الحقيقية عبر امتحانات موضوعية، لا بالإقصاء المسبق.
فالتعليم، بالنسبة لهم، ليس وظيفة فقط، بل رسالة، ومن الظلم أن تُمنع فئة واسعة من أدائها فقط بسبب السن.
إن ما عبّر عنه الشباب المغربي اليوم ليس مجرد احتجاج ظرفي، بل هو صرخة حقيقية ضد منطق الإقصاء، ونداء لإعادة الاعتبار للكفاءة والعدالة الاجتماعية.
قرار تحديد السن في مباريات التعليم، كما عبرت عنه أصوات هؤلاء الشباب، هو قرار يجب أن يُعاد النظر فيه، لأنه يضرب في مبدأ تكافؤ الفرص، ويقصي آلاف الحالمين بمستقبل كريم.
فالتعليم لا يجب أن يكون حكراً على من هم دون الثلاثين، بل حق مشروع لكل من يمتلك المؤهلات، مهما كان عمره.
فهل ستستمع الحكومة لهذا النداء؟ وهل ستُراجع هذا القرار ؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.


