ماكرون وبوتين: بين أسطورة إيكاروس وشبح نابليون

بقلم: زكية لعروسي

 

في مواجهة متصاعدة بين باريس وموسكو، أطلق الكرملين سهام السخرية نحو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مشبها طموحاته السياسية بمغامرة نابليون التي انتهت بكارثة في روسيا. لكن في جوهر هذه المواجهة، يمكن قراءة الصراع عبر عدسة رمزية أعمق، حيث يبدو ماكرون كإيكاروس، الفتى الأسطوري الذي طار بأجنحة من شمع نحو الشمس، بينما يتجسد بوتين كأطلس، حامل السماء الذي يراقب سقوط الطامحين من أعلى.

إيكاروس، في الأسطورة اليونانية، هو الشاب الذي صنع له والده ديدالوس أجنحة من الريش والشمع، محذرا إياه من الطيران قريبا جدا من الشمس. لكن إيكاروس، باندفاعه وطموحه، تجاهل التحذيرات، فذاب شمع أجنحته وسقط في البحر ليلاقي مصيره المحتوم. هنا، تتجلى رمزية ماكرون الذي يسعى إلى التحليق عاليا في سماء السياسة الدولية، متجاوزا حدود الواقع، معتقدا أن بإمكانه قيادة أوروبا في مواجهة روسيا. لكنه، مثل إيكاروس، قد يكون اقترب أكثر مما ينبغي من وهج القوة، معرضا نفسه وأوروبا لخطر السقوط في مواجهة غير محسوبة العواقب مع موسكو.

على الجانب الآخر، يظهر بوتين كأطلس، العملاق الذي يحمل السماء على كتفيه في الميثولوجيا الإغريقية. وكما أن أطلس يتحمل عبء العالم، فإن بوتين يحمل إرث روسيا الإمبراطورية والسوفييتية، مستندا إلى الجغرافيا والتاريخ كسلاح في مواجهة خصومه. استدعاؤه لنابليون ليس مجرد تهكم، بل هو درس تاريخي ورسالة مشفرة لماكرون: “من سبقوك حاولوا، وسقطوا، وأنت لست استثناء”.

في هذا المشهد الرمزي، تتداخل أسطورة إيكاروس مع شبح نابليون، حيث يحاول ماكرون التحليق فوق السياسة الأوروبية، بينما يقف بوتين عند مفترق التاريخ، مستخدما الماضي كسلاح نفسي واستراتيجي. فهل يواصل ماكرون التحليق حتى تذوب أجنحته؟ أم أنه سيستمع إلى تحذيرات القدر قبل فوات الأوان؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه المواجهة ستتحول إلى مأساة يونانية جديدة، أم ملحمة تاريخية يعاد كتابتها بأيد جديدة.