بقلم: زكية لعروسي
أعلنت وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، بفخر عن “إنجاز تاريخي” يتمثل في استقبال المغرب لـ17.4 مليون زائر عام 2024. لكن، هل نحن أمام إنجاز حقيقي؟ أم مجرد تضخيم إعلامي يتجاهل الواقع المعقد؟
بداية، لا يمكن إنكار أن الرقم المعلن يبدو مثيرا للإعجاب. كما يقول المثل الشعبي: “ما كل ما يلمع ذهبا”. الوزيرة لم تفصح في تصريحها أن نصف هذا العدد تقريبًا (8.6 ملايين) هم من المغاربة المقيمين بالخارج (MRE). هؤلاء الزوار، مع احترامنا لهم، لا يأتون فقط للسياحة، بل لأسباب متعددة كزيارة العائلة أو الأعمال، وهي اعتبارات لا يمكن إدراجها ببساطة تحت مظلة السياحة. إذا، أين الحقيقة هنا؟
ما يثير الدهشة أكثر هو محاولة الوزيرة الاستحواذ على كامل “الضوء الإعلامي”، متجاهلة العوامل الأخرى التي ساهمت في تحقيق هذه الأرقام. هل يمكننا أن نغفل عن التأثير الساحر لوصول المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم 2022؟ أو الاهتمام العالمي بالبلاد بعد اختيارها لاستضافة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030؟
أضف إلى ذلك، الدعاية المجانية التي يقدمها مشاهير الرياضة والفن والثقافة، وأيضًا المجهود الكبير الذي يقوم به صناع المحتوى العالميون للترويج للمغرب. أليس من الإنصاف أن يُذكر كل هؤلاء في سياق النجاح المزعوم؟
في الوقت الذي نتفاخر فيه بـ17.4 مليون زائر، نجد مدينة مثل برشلونة، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5.5 ملايين، قد استقطبت 26 مليون سائح في 2023. أليس هذا مقارنة تجبرنا على إعادة التفكير في إمكانياتنا؟ فالمغرب يمتلك مناظر طبيعية خلابة، ثقافة غنية، وتاريخا عريقا، لكنه لا يزال بعيدًا عن استغلال كامل إمكانياته.
هنا يظهر التساؤل الجوهري: لماذا لا نطمح إلى استقبال 30 مليون سائح سنويًا؟ ألسنا نملك “الدار الكبيرة”، كما يقول المغاربة، بما فيها من تنوع طبيعي، أمان، وبنية تحتية حديثة؟
التصريحات التي تُصور نجاحات جزئية وكأنها إنجازات ضخمة هي في الواقع أشبه بمحاولة “الضفدع” أن تصبح “ثورا”. فالطموح مشروع، لكن المبالغة تنزع المصداقية. وكما يقول المثل الشعبي: “الناس بالناس والكل بالله”. العمل الجماعي والتقدير العادل لجميع الجهود هو ما يجعل النجاح مستداما وحقيقيا.
قد يكون من الحكمة أن تراجع الوزيرة خطابها وتضع الأمور في نصابها. فالاعتراف بفضل الآخرين لا يقلل من شأن أحد، بل يُظهر التواضع والنضج السياسي. وكما يقول المثل: “من تواضع لله رفعه”. المغرب لديه كل المقومات ليكون وجهة عالمية رائدة، بشرط أن يُدار الطموح بحكمة، وأن يكون الخطاب واقعيا، بعيدا عن خداع الذات والمبالغات الإعلامية.