أصدر الأكاديمي المغربي أحمد موسى، أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن ومختص بالشؤون الإيرانية، الترجمة العربية لكتاب «من وراء حجاب النظام الجديد للمؤسسة الدينية في إيران» للكاتب الإيراني مهدي خلجي. و أهمية هذا الكتاب تكمن في تشريح العلاقة بين المؤسسة الدِّينية والسلطة السياسية في تاريخ الدول العربية والإسلامية، و مساءلة هذه العلاقة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. إليكم تقديم الكتاب الذي خصنا به مشكورا الدكتور أحمد موسى.
بقلم: أحمد موسى
كتاب “من وراء حجاب النظام الجديد للمؤسسة الدِّينية في إيران” للكاتب والباحث الإيراني في الإلهيات والسياسة الإسلامية، ومحلل القضايا الإيرانية والشيعية في الشرق الأوسط مهدي خلجي. يشرِّح فيه العلاقة بين المؤسسة الدِّينية والسلطة السياسية في تاريخ الدول العربية والإسلامية، ويعتقد أنها اتسمت بالتقلّب وعدم الاستقرار تبعا لتغير ميزان القوى بين الطرفين، ثم يتساءل عن مصداق هذه العلاقة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالنظر إلى النظام السياسي الحاكم هناك، والأيديولوجية الشيعية “المهدوية” التي تؤطر ذلك النظام، ويطرح إشكال دور المؤسسة الدِّينية الإيرانية ومدى تأثيره في بلورة الثورة الإسلامية وتشكيل نظام ولاية الفقيه.
إنَّ المتتبّع للمسألة الإيرانية يرصد، بالمقابل، حرص رأس نظام ولاية الفقيه، سواء المرشد الحالي آية الله علي الخامنئي أو سلفه آية الله الخميني، على رسم الخطوط لهذه العلاقة، كما يريدها النظام ويعرّفها، إذ يرى آية الله علي الخامنئي أن أي فكر أو تيار يفصل رجال الدِّين عن نظام “ولاية الفقيه” هو فكر علماني مرفوض، بمعنى أنَّ مرشد الثورة الإيرانية يؤكد على العلاقة القديمة الجديدة والزواج الشرعي “الدائم” الذي يربط الحوزة الدِّينية ورجالاتها بالسلطة السياسية، بحيث إنَّ طبيعة التفكير داخل المؤسسة الدِّينية ونوعيته يجب ألا تتجاوز خطوط النظام الإسلامي في إيران ودائرته السياسة التي تحدده، وهي نظام ولاية الفقيه ومبادئ الثورة الخمينية.
يواصل الباحث الإيراني وهو الذي درس تخصصات الفقه والفلسفة والتأويل الشيعي في كل من الحوزة العلمية وجامعة (تكوين المعلم) في قم، وجامعة السوربون بفرنسا. وتتلمذ لسنوات عديدة على يد مرجعيْ التقليد وحيد الخراساني وجواد التبريزي. يواصل في فصول هذا الكتاب الذي تجاوزت عدد صفحاته 300 صفحة النبش في هذا الموضوع، وطرح إشكال العلاقة الحسّاسة للمؤسسة الدِّينية بالسلطة السياسية انطلاقاً من عصر الملكية البهلوية ووصولاً إلى نظام الجمهورية الإسلامية، متسلّحاً بزاده المعرفي المتخصّص وبمطالعاته في الأصول الشيعية، كيف لا وهو ابن الدار وخرّيج الحوزة العلمية في قم، قبل أن يشد الرحال إلى الغرب لمتابعة دراساته وأبحاثه.
لقد جمع الباحث في هذا الكتاب ما تفرّق من مباحث ومقالات قديمة وحديثة، منشورة وغير منشورة بعدما أعاد النظر في الكثير من الأفكار والتصورات، لاسيما تلك التي مضى على تدوينها فترات من الزمن، وعرضها على ميزان مناهج العلوم الإنسانية الحديثة وتبيّن له أنها بحاجة إلى تقييم وفقاً لهذه المناهج وبحسب ما تمليه آليات النقد الفكري والأيديولوجي التي تشبّع بها في الغرب، وخلال مساره كباحث بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.