السيدا: الوصم والتمييز عقبة أمام المتعايشين وبناء وعي جديد

رغم التقدم العلمي الكبير في علاج السيدا، يظل المجتمع المغربي يواجه تحديات كبيرة في قبوله للمتعايشين مع المرض.

فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا التمييز؟

في هذا المقال، نستعرض التحديات التي يواجهها المتعايشون مع السيدا، مع التركيز على الوصم والتمييز المجتمعي، ونقدم حلولًا لبناء وعي جديد يسهم في تغيير المفاهيم وتعزيز التضامن الاجتماعي.

وفقًا للتقرير الوطني للسيدا لعام 2024، يبلغ عدد المتعايشين مع الفيروس في المغرب 23,068 شخصًا، منهم 43% نساء. على الرغم من انخفاض معدل الانتشار إلى 0.08‰، إلا أن الإصابات الجديدة لا تزال تسجل 974 حالة سنويًا.

وعلى الرغم من تقدم العلاج والوقاية، تظل العلاقات الجنسية غير المحمية هي السبب الرئيسي للعدوى، حيث تشكل أكثر من 95% من الحالات. هذه الأرقام تشير إلى أهمية تعزيز الوعي المجتمعي وضرورة تبني مفاهيم صحية أكثر دقة في التعامل مع السيدا.

آراء المجتمع:
أظهرت استطلاعات الرأي التي تم جمعها من المواطنين أن 70% من المشاركين لديهم معرفة عامة بالسيدا، لكن 30% ما زالوا يتبنون مفاهيم خاطئة، مثل انتقال العدوى عبر المصافحة أو استخدام الحمامات العامة.

وهذا يساهم في تعزيز الوصم ضد المتعايشين، حيث أبدى 60% من المشاركين عدم ارتياحهم للتعامل مع شخص متعايش مع السيدا.

هذه المواقف تُظهر عمق الفجوة المعرفية والجهل حول المرض وطرق انتقاله.

دور الإعلام
رغم أن الإعلام يُعد المصدر الرئيسي للمعلومات حول السيدا بالنسبة لغالبية المواطنين، يرى 55% من المستجيبين أن التغطية الإعلامية الحالية غير كافية.

في بعض الأحيان، تساهم بعض التقارير في تعزيز الوصم، عبر تقديم معلومات غير دقيقة أو التركيز على جوانب سلبية للمجتمع المتعايش مع الفيروس.

هذا يُظهر الحاجة إلى إعلام أكثر وعيًا يستطيع تقديم رسالة توعية شاملة تستند إلى الحقائق العلمية بعيدًا عن الخوف والوصمة.

حلول ومقترحات

  • تعزيز الوعي: من خلال حملات إعلامية شاملة وموجهة، تُقدم معلومات دقيقة حول طرق انتقال السيدا وكيفية الوقاية منها.
  • إدراج التثقيف الصحي في المناهج الدراسية: لتنشئة أجيال أكثر وعيًا ومتفهمًا للمرض، وبالتالي تساهم في تقليل الوصم.
  • سن قوانين تحمي المتعايشين من التمييز: عبر إقرار قوانين تضمن حقوق المتعايشين في العمل والرعاية الصحية دون خوف من التمييز أو الوصم.
  • دعم المتعايشين نفسيًا واجتماعيًا: لتشجيعهم على الاندماج في المجتمع بثقة، وتوفير بيئة حاضنة لا تعزلهم أو تضعهم في موقف دفاعي.

السيدا ليس مجرد مرض، بل هو اختبار حقيقي لنضج المجتمع وقدرته على مواجهة التحديات الإنسانية، المتعايشون مع السيدا هم أفراد عاديون، قادرون على العيش بشكل طبيعي إذا تمت إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية التي تواجههم.

وبينما يتقدم العلم في محاربة المرض، يجب أن يسير المجتمع نحو التضامن وتغيير المفاهيم الخاطئة، لأن أي تقدم طبي بلا فهم اجتماعي يظل ناقصًا.
لا وصمة مع الوعي، ولا تمييز مع التضامن.”

سهام الناصري