تعتبر مجموعة السهام واحدة من الفرق الفنية المغربية التي تركت بصمة كبيرة في تاريخ الموسيقى الوطنية، حيث شكلت مرجعية في الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية، نذرت هذه المجموعة نفسها للدفاع عن القضايا الوطنية والقومية، متخذة من الموسيقى أداة للتواصل مع الجمهور.
تأسست مجموعة السهام في بداية السبعينات، وهي فترة شهدت تحولاً كبيراً في المشهد الفني المغربي، حيث تزاوجت فيها الثقافة الشعبية مع فنون جديدة مستوحاة من الحركات الاجتماعية والسياسية. وحول سبب تسمية المجموعة بالـسهام”، أوضح عبد المجيد مشفق، رئيس المجموعة، أن حسن فلان هو من اقترح هذا الاسم على المجموعة في بداياتها.
وقد وجد مشفق في الاسم رمزية كبيرة، إذ يعكس السهام الحدة والطموح نحو المستقبل، هذه الرؤية كانت جزءًا من فلسفة الفرقة، التي تطمح إلى التجديد والابتكار في سياق فني يحمل طابعًا شعبيًا.
أما فيما يتعلق بهوية المجموعة، فقد أكد عبد المجيد مشفق أن مجموعة السهام هي جزء من التقاليد الفنية المغربية الشعبية، مثل العديد من الفرق الرائدة التي ولدت في الأحياء الشعبية مثل الحي المحمدي الذي أنجب فرقًا مثل ناس الغيوان، المشاهب ومسناوة. هذه الفرق كانت تمثل صوت الطبقات الشعبية وتعكس معاناتهم وآمالهم. وذكر مشفق أن المجموعة قد تربت في هذا الوسط الشعبي، الذي يعتبر تلاقح الثقافات أحد سماته البارزة. لذا، فإن السهام، على حد قوله، ستبقى وفية لهذه الهوية الاجتماعية، النضالية، والوطنية، وستظل تعبر عن الانتماء إلى الشعب البسيط والثقافة الفنية الشعبية التي تعكس التجربة الجماعية للمغاربة.
في حديثه عن دور الفن في الحفاظ على الهوية الوطنية، أكد عبد المجيد مشفق، مؤسس مجموعة السهام لـ”الكوليماتور “، أن وظيفة الفنان هي الحفاظ على الهوية الوطنية والتعبير عن الثقافة المغربية. وقال إن الفن المغربي جدير بالاحترام والتقدير، ويجب على الفنانين أن يكونوا أوفياء لهذه الهوية في أعمالهم.
ومن جهته، تحدث الفنان محمد حنين، عضو المجموعة، عن الأثر الذي تركته مجموعة السهام في المحافل الفنية، خاصة في أغانيها التي تتغنى بالقضية الفلسطينية، مثل “فلسطين ،أطفال الحجارة” و”نفديك يا شهيد”.
وأشار إلى أن مجموعة السهام، رغم تركيزها على القضايا العربية، لا تغفل عن الأغنية المغربية والهوية المغربية، حيث قدمت العديد من الأغاني الوطنية مثل “الأحمر والأخضر علمي” و“الود الوداو الواد ديالنا” التي تتناول قضايا الصحراء المغربية.
وأضاف أن أغنية “عيش بلادي” لاقت نجاحا كبيرا، حيث تعكس حب الوطن والصحراء المغربية، مما جعلها تحظى بنسبة مشاهدة عالية.
أما الفنان خالد مشفق عضو مجموعة السهام، فقد أكد أن المجموعة تتأقلم مع الوسائط الرقمية التي أصبحت وسيلة مهمة للوصول إلى الجمهور، وهو ما يعكس تطور المجموعة في تفاعلها مع العصر الحالي.
وحول المواضيع التي تطرحها المجموعة، قال خالد إن هذه المواضيع تأتي من الواقع الاجتماعي والمعاش، حيث يعبرون عن القضايا التي تهم المجتمع والعالم بأسره.
وأضاف أن أغاني المجموعة تعكس روح المواطنة والتمغربيت، مشيرا إلى أن المجموعة حافظت على أصالتها المغربية عبر الاستلهام من التراث المغربي الأصيل.
وفي ذات السياق، تحدث الفنان محمد بوضاض عن دور مجموعة السهام في تشجيع الأجيال الصاعدة، خاصة في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي، لاسيما التراث الغيواني. وأضاف بوضاض أن المجموعة عملت مع عدة فرق شبابية لضمان استمرار هذا الموروث.
كما أشار إلى أن التحديات والعراقيل التي قد تواجه الفن المغربي أصبحت أقل، مستشهدًا بتجربة المجموعة في دمج الموسيقى الغربية في الموسيقى المغربية، ما أتاح لها الوصول إلى الشباب بشكل أكبر.
وتحدث بوضاض عن رسالة مجموعة السهام، التي تظل وفية لخطها التحريري منذ تأسيسها في عام 1979، حيث تواصل طرح القضايا المجتمعية والإنسانية والقومية العربية.
وأعرب عن أمله في أن يكون العمل الجديد للمجموعة في 2025 ان ينال إعجاب الجمهور، مشيرًا إلى أن المجموعة ستواصل التزامها برسالتها الفنية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.
تظل مجموعة السهام علامة فارقة في تاريخ الموسيقى المغربية والعربية، بفضل تمسكها بجذورها الثقافية وفنها الذي يعبر عن قضايا المجتمع والوطن.
من خلال أغانيها الوطنية والإنسانية، تبقى المجموعة وفية لهويتها المغربية، كما تواصل دورها في نقل الرسائل الثقافية والاجتماعية للأجيال الجديدة.
مع تطور الوسائط الرقمية، تتكيف المجموعة مع العصر بينما تحافظ على أصالتها، مما يجعلها تظل واحدة من أبرز الفرق التي تحتفظ بعلاقة قوية مع جمهورها وتستمر في التأثير على المشهد الفني المغربي والعربي.