مُغالطات «الرئيس الأبدي» لاتحاد كُتّاب المغرب! (بقلم: عبد الدين حمروش)

حكمت المحكمة ببطلان إجراءات الدعوة لعقد المؤتمر الاستثنائي الذي كان مزمعا عقده بتاريخ 20 و21 يناير 2024.  كانت هذه العبارة جزءا من الحكم الصادر، بشأن الدعوى المرفوعة ضد عقد المؤتمر الاستثنائي، لاعتبارات قانونية استند إليها القضاة. لست بصدد مناقشة الحكم الصادر، ولو أن هناك فرصة أخرى لإحالة القضية إلى اقضاء مُجددا. هذا موضوع آخر. ما يعنيني، الآن، بالمناقشة والتعليق، هو “البيان” الصادر عن السيد عبد الرحيم العلاّم، وأقليته داخل المكتب التنفيذي (04 مقابل 07).

وتنويرا لأعضاء اتحاد كُتاب المغرب، وباقي الرأي الثقافي والوطني ببلادنا، وذلك في انتظار أن يصدر “بيان” عن الطرف المتقاضي الآخر، أدلي برأيي في الموضوع، عبر تسجيل “النقط” التالية في بعض ما وقف عنده بيان العلام:

1- ورد في البيان أنه “يُحمّل المسؤولية التاريخية والثقافية لكل من سعى إلى تعطيل مسيرة الاتحاد وهدر زمنه الثقافي”. والواقع أنه إذا كان هناك من “طرف” عطّل اتحاد كُتاب المغرب، منذ 2015 حيث كان موعد عقد المؤتمر القانوني، إلى اليوم، هو شخص “العلاّم” نفسه. ثلاث سنوات، بالتمام والكمال، بما كان يُشكل ولاية ثانية، أُضيفت إلى ولايته الأولى. ولو التزم العلام بما هو منصوص عليه في “قانون” الاتحاد، ما عشنا كل هذا “الفراغ” التنظيمي، الذي يتمّ استثماره باسم “الشرعية”، اليوم، لصالح الاستمرار في السيطرة على “الاتحاد” إلى ما ندري لذلك أجلا. أليس “الرجل” الأول في ما حصل من تعطيل للاتحاد، وما أسفر عنه من تبعات تنظيمية وقانونية، حتى أعيت شفاءه جميع الأدوية؟

وبالمناسبة، أريد من أعضاء الاتحاد، وبخاصة الذين لا يعرفون حيثيات ما حصل من تعطيل للمؤسسة ثلاث سنوات، ومنهم من لم ينل عضويته إلا في أوج الأزمة التنظيمية، أن يجيبوا أنفسهم أولا: هل ولاية العلام الثانية، من ثلاث سنوات مضافة، قانونية؟ هل ما اتخذه من إجراءات وتدابير، وضمنها صرف أموال الاتحاد، قانوني؟ هل هذا التعطيل المبالغ فيه يتماشى مع قانون الجمعيات الذي وضعته الدولة، في شخص وزارتها المعنية؟ إن معظم هؤلاء الذين ظلوا يتباكون على مؤتمر طنجة (2018)، وأسفهم على ضياع محطته، لا تبدأ عندهم أزمة الاتحاد إلا في 2018. لماذا يسكتون عن السنوات الثلاث التي أضافها العلام إلى ولايته؟ لماذا ظلوا يتباكون على مؤتمر طنجة، ويتأسفون على عدم تلاوة التقريرين الأدبي والمالي؟ هل كان مؤتمر طنجة، في ظل السنوات الثلاث الزائدة، مؤتمرا عاديا حتى تحصل قراءة التقريرين؟ ألم يكن الأوْلى، قانونيا، هو الذهاب إلى المؤتمر الاستثنائي، وليس إجراء مؤتمر عادي، في ظل وجود طعونات عديدة، تنظيمية وغير تنظيمية؟

إن الذين انحازوا إلى “الرئيس”، ومنهم الثلاثة الذين بقوا من مكتب 2012، إنما تبدأ عندهم الأزمة من 2018 وليس 2015 (التي انتهت فيها ولاية الرئيس، آنذاك، وكان ينبغي أن يُعقد المؤتمر بعدها في الحين). إذاً، من الذي عطّل الاتحاد كل هذه المدة (ثلاث سنوات في المرحلة الأولى؟ أليس هو العلام نفسه؟ هل كان أعضاء الاتحاد يرضون بهذا التعطيل؟ هل كانوا يرضون بالتصرف في شؤونهم الإدارية والمالية والثقافية خارج حدود الولاية القانونية؟

لتجاوز أزمة مؤتمر طنجة، تم اقتراح الذهاب إلى مؤتمر استثنائي، وتم تحديد أجل زمني لذلك. لماذا عجز العلام عن عقد المؤتمر في تاريخه؟ لماذا استقال عن رئاسة اللجنة التحضيرية؟ لماذا ترك “أعضاء” من الاتحاد، قدامى وجددا، وضمنهم من كانوا في لجنته التحضيرية الأولى، يبادرون إلى تشكيل لجنة تحضيرية جديدة تستوعب الأولى القديمة؟ حتى إذا شُرع في الإعداد للمؤتمر، والاتصال بالقطاعات من أجل توفير الدعم، لماذا عاد العلام عن استقالته، مُدعيا أن استقالته لم تكن قانونية (كان يمزح فقط)؟ ألم يكن يريد بـ “مسرحية” الاستقالة، والعودة عنها مُجددا، إلا تعطيل مسيرة الاتحاد؟ هل يعرف الأعضاء هاته الحيثياث؟ إذا لم يكونوا يعرفون، فليعودوا إلى ما نُشر حول هذا الموضوع في إبّانه، ومنه استقالة “الريس” الأبدي؛

2- النقطة السابقة، كانت ذات مضمون “معنوي”، ادعى فيها العلام الشرعية (وليس الصبغة القانونية)، مُحملا الطرف الآخر مسؤولية ما سماه “التعطيل” و”هدر الزمن الثقافي”. وبالنسبة إلى من هم من أمثالنا، فإن بعض الألاعيب التعبيرية لن تنطلي علينا. نحن نتجه، توا، إلى صلب المشكل وليس إلى قشرته. وقد عرضنا، ولو باختزال شديد، سياسة العلام في التعطيل، إلى حين إنضاج الفرصة للعودة إلى رئاسة الاتحاد، خارج كل الاعتبارات التنظيمية والقانونية، من جديد. ولو كانت هناك نية للتنحي بشكل ديمقراطي، وفق ما سار عليه جميع رؤساء الاتحاد السابقون، ما استمر، منذ ما قبل 2012 بسنوات، على رأس الاتحاد. هل تقبل نخبة المجتمع والثقافة وزبدتهما بهذا الاستبداد، الذي عزّ نظيره حتى في أدغال الحكم بإفريقيا؟ يالله، من يتصدى ليجيبني عن هذا السؤال؟ يا أولائك الذين يتباكون على مؤتمر طنجة؟

في النقطة الثانية، جاء البيان بالعبارة التالية: “يدعو الشركاء المؤسساتيين لاتحاد كُتاب المغرب، داخل الحكومة وخارجها، إلى التعاون مع أجهزته التنظيمية الشرعية”. في هذه النقطة، خرجنا من “المعنوي” إلى مجال آخر. ذلك أن أصحاب البيان يدعون الشركاء، الحكوميين وغير الحكوميين، إلى التعاون. وقبل كل شيء، ينبغي التذكير بأن المهمة الرئيسة (الوحيدة المستعجلة) هي عقد المؤتمر الاستثنائي. ومن جهتي، يجدر تنبيه شركاء الاتحاد إلى أمر في غاية الأهميه: إن كان هناك من دعم مادي ولوجستي (وبخاصة المالي) من الدولة، ينبغي أن يُوجّه إلى تغطية مصاريف المؤتمر فقط، وفق القوانين المعمول بها بحرص شديد. لماذا ذلك؟ الجواب لأمرين، أُجملهما كالآتي:

– أولا: إذا كانت المحكمة حكمت ببطلان عقد المؤتمر الاستثنائي، فإن ذلك لا يجوز فهمُه على أساس أنه تخويل للعلام لتمديد ولايته، مرة رابعة وخامسة، وسادسة (إلى ما شاء لا ما شاء الأعضاء). الولاية الشرعية انتهت في 2015. أما هذا التمديد الذي نُعاينُه، والذي ترتّب عنه ما ترتّب من تقاض أمام المحاكم، فهو ناتج عن الفراغ التنظيمي الذي أحدثه العلام، بتأجيله المؤتمر إلى طنجة في 2018. من هاهنا، بدأت الأزمة، ثم استمرت إلى اليوم؛

– ثانيا: إن الدعم المالي للمؤسسات، في ظل العودة إلى الأنشطة الثقافية، سيجعل المؤتمر الاستثنائي يتأجّل أكثر من اللازم، المرة تلو الأخرى. وهذه لعبة يتقنها العلام بشكل جيد، وبخاصة في ظل تراخي الأعضاء عن مواكبة منظمتهم بالتتبع، والنقد، والمساءلة. العودة إلى أنشطة الاتحاد، وكأن شيئا لم يحدث، سيعصف باستحقاق المؤتمر الاستثنائي إلى الخلف. السؤال يجيب عن نفسه: لماذا المسارعة إلى المؤتمر الاستثنائي، حيث التمويل متوفر، والأنشطة موجودة؟ إن كان هناك من مسؤولية للعلام، فينبغي أن تنحصر في رئاسة اللجنة التحضيرية، من أجل عقد المؤتمر في تاريخ معقول (لاينبغي أن يتجاوز ستة أشهر من الآن)، وليس قيادة وفود إلى الخارج، أو تنظيم أنشطة ثقافية.

هاتان نقطتان وردتا في البيان. ولقد أحببت التوقف عندهما مليّا، لإحساسي بالمسؤولية الملقاة علي، من موقعي نائبا للرئيس خبر الاتحاد من الداخل. أما حديث أصحاب البيان (وليس هناك إلا العلام بحكم التجربة)، عن المصالح الضيقة، فلو لم تكن لهم مصالح هم أنفسهم، ما استمروا على رأس الاتحاد كل هذه السنوات الطويلة العجاف. في انتظار بيان الطرف الثاني المتقاضي، نحن ننتظر الدعوة إلى المؤتمر الاستثنائي. ومن أجل ذلك، سنكون جزءا من دينامية المؤتمر الاستثنائي، مُتابعة منا لكل تفاصيله، وفي جميع ترتيباته التنظيمية والمالية. وفي السياق ذاته، سنكون حريصين على عقد مؤتمر، يشارك فيه الجميع بدون استثناء، على أساس أن يتمخض ذلك عن مكتب جديد، يتولى رئاسته رئيس جديد. وما ذلك على الكُتّاب بعزيز.