صناديق الإيداع في المغرب، فرنسا، إيطاليا و تونس تعزز تعاونها استجابة للتحديات الكبرى التي تواجه حوض البحر الأبيض المتوسط (بلاغ)

عقد المدراء العامون لصناديق الإيداع للمغرب، السيد خاليد سفير، وفرنسا، السيد إيريك لومبار، وإيطاليا، السيد داريو سكانابييكو، وتونس، السيدة ناجية الغربي، اجتماعا بمقر صندوق الودائع والقروض الإيطالي بروما بتاريخ 2 ماي 2024.

وباعتبار صناديق الإيداع المغربية والفرنسية والإيطالية والتونسية أعضاء في منتدى صناديق الإيداع فهي تحافظ على علاقات وطيدة وغنية تنبني على الثقة والاحترام المتبادلين وتقوم على أساس قيم ومبادئ مشتركة.

بفضل هذا الحوار القوي والبناء وفي ضوء التحديات التي تواجه الفضاء الأورو متوسطي، عملت هذه الصناديق منذ انعقاد المؤتمر السابع لمنتدى صناديق الإيداع بأبيدجان في شتنبر 2023 على إطلاق دينامية تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك. ويعكس هذا الاجتماع الأول المنعقد بروما على مستوى المدراء العامين بوضوح الطموح المشترك الرامي إلى تحديد الحلول المؤدية إلى التصدي الجماعي للتحديات الكبرى التي تواجهها منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

وبالفعل هناك تحديات كثيرة ومتعددة الأوجه تؤثر تأثيرا مباشرا على المنطقة، وأهمها الاحتباس الحراري الذي يتزايد بوتيرة أسرع من الاحترار العالمي بمعدل 20%. حيث أن التنوع البيولوجي البحري والساحلي الفريد من نوعه معرّض للمخاطر الكبيرة التي تهدد المنطقة، ومن بينها تآكل السواحل وارتفاع مستوى المياه والتصحر والإجهاد المائي، إلخ. وكلّ هذه الظواهر منتشرة فعليا وتعيشها العديد من البلدان. علاوة على هذه التحديات البيئية، هناك المشاكل المرتبطة بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية والطاقية التي ازدادت تفاقما في السنوات الأخيرة بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أكرانيا. وبفضل الدور الريادي لصناديق الإيداع في مواجهة التقلبات الدورية والتزامها الراسخ بخدمة المصلحة العامة، فقد راكمت خبرة غنيّة في هذه المجالات تمكنها من توفير حلول مبتكرة على المستوى الوطني.

وفي هذا الاجتماع تم تبادل الآراء بين المدراء العامين بشأن ثلاثة محاور رئيسية ذات الاهتمام المشترك وتتلاءم مع أولويات العمل التي خطط لها كل واحد من هذه الصناديق:

الاستثمار: في إطار دور صناديق الإيداع في مجال الاستثمار المسؤول وحفز استثمارات القطاع الخاص، استعرض المدراء العامون النتائج التي تحققت من خلال مختلف المبادرات المتّخذة قصد تحفيز وتشجيع الاستثمار في منطقة البحر الأبيض المتوسط مثل مبادرة كما ركزوا بشكل مستفيض على البعد الإقليمي الذي تنطوي عليه بعض الاستثمارات الموظّفة على المستوى الوطني.

  • المناخ والتنوع البيولوجي: أكد المسؤولون على أن مؤسساتهم تشارك مشاركة فعلية في الجهود الرامية إلى حماية التنوع البيولوجي. وبفضل الخبرة الثلاثية التي اكتسبتها هذه الصناديق في المجالات البيئية والعقارية والمالية، المقرونة بالإلمام التام بالشؤون المجالية، فقد أصبحت أجهزة رئيسية في ابتكار وتطوير ودعم الحلول التي تسمح بالتوفيق بين التنوع البيولوجي والتنمية الاقتصادية على نهج تشاركي يشمل مختلف الأطراف الفاعلة المحلية.
  • الابتكار المالي في خدمة القدرات البشرية: أشار المدراء العامون أيضا إلى أن الروابط البشرية عبر ضفتي البحر الأبيض المتوسط لا تزال قوية جدا وتستمر في تعزيز هذه الهوية المتوسطية التي هي ثمرة لامتزاج السكان على مدى قرون. لذلك من المهم إشراك الجالية المهاجرة ورجال ونساء الأعمال والأكاديميين…، الذين يمثلون القوى الحية في بلدان الشمال والجنوب على حد سواء، بشكل مباشر في البحث عن حلول للتحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة حاليا ومستقبليا.

في أعقاب المباحثات التي أجراها المدراء العامون، تم الاتفاق على إنشاء «إطار دائم للتشاور» (CPC) يوفر منصة مرنة وعملية للانخراط في نقاش مفتوح وتمكن من تبادل المعلومات بشأن أفضل الممارسات في القطاعات الرئيسية مثل السكن والتكيف مع التغيرات المناخية وحماية التنوع البيولوجي وتطوير البنى التحتية المستدامة، من جهة، وتعزيز المبادرات المشتركة على الصعيد الإقليمي، من جهة ثانية.

كما ستسمح هيئة (CPC) بتقوية التفاعل والتنسيق مع كافة الفاعلين في المنظومة المالية المتوسطية، سواء تعلق الأمر بهياكل وطنية مجانسة لنموذج صناديق الإيداع أو بأطراف رئيسية فاعلة في مجال التمويل في المنطقة المتوسطية مثل البنك الأوروبي للاستثمار (BEI) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD) ووكالات التنمية الوطنية أو مختلف شبكات المستثمرين على المدى الطويل، بغية تحقيق التآزر اللازم بين مختلف الآليات المالية. كما أعرب المدراء العامون عن إشادتهم بالدور الإيجابي والمساهمة المجدية للاتحاد من أجل المتوسط (UpM) بصفته إطارا متعدد الأطراف للتعاون في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط يشارك مشاركة فعالة في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة للمنطقة.

أكد السيد خاليد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير في المغرب، على ضرورة اغتنام هذه الفرصة لتوجيه صناديق الإيداع نحو مسار التنمية المستدامة. أضاف قائلاً: «إذا أردنا أن يكون لدينا عالم أفضل في المستقبل، وبعيدا عن إعلان المبادئ، علينا في صناديق الإيداع أن نتبنى طموحات جديدة ونفكر بلا شك في أساليب عمل جديدة. فالمرحلة الجديدة تتطلب استراتيجية جديدة. يجب أن يكون أفقنا هو دعم كل هذه التحولات من أجل رفاهية الأجيال القادمة».

وقال إيريك لومبارد، المدير العام ل CDC فرنسا، في الاجتماع: «يسعدني أن تكون قضايا المناخ والبيئة في قلب مناقشاتنا بين مؤسسات الإيداع المتوسطية. ولمواجهة التحديات غير المسبوقة التي تواجه المنطقة، لا بد من العمل الجماعي والحازم. وهذا هو الغرض من هذا الاجتماع ومن التزامنا مع زملائي الإيطاليين والمغاربة والتونسيين».

وقد أدلت السيدة نجية الغربي، المديرة العامة ل CDC تونس، ببيان مقنع في الاجتماع، مؤكدة على ضرورة توجيه الإجراءات نحو مسار التنمية المستدامة. وذكرت أنه من أجل بناء مستقبل أفضل، لا بد من تبني طموحات جديدة وإعادة التفكير في أساليب العمل. وقالت: «يجب أن يكون أفقنا موجها نحو دعم التحولات الضرورية لرفاهية الأجيال القادمة ولكي يكون لعملنا تأثير. وبصفتنا أعضاء في منتدى رؤساء المؤسسات، فإننا نشارك هذا الالتزام بالعمل الجماعي والحازم لمواجهة التحديات المتعددة التي تواجه منطقتنا».

وبالنظر إلى التحديات المتعددة الجوانب التي تواجهها المنطقة وخصوصا تلك المتعلقة بالتغيرات المناخية، شدد المدراء العامون لصناديق الإيداع على انخراطهم التام في مواصلة الجهود الرامية إلى تطوير حلول عملية ومبتكرة ذات الأثر على السكان وحماية البيئة. كما ذكروا بشكل عام بمدى أهمية نموذج «صندوق الإيداع» كمؤسسة قادرة على تعبئة الموارد المحلية لتوفير التمويل على المدى البعيد لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وفي هذا السياق، جدد المدراء العامون التأكيد على اعتزامهم المساهمة التامة والفعلية في مختلف المحافل الدولية لتعزيز النقاش حول تمويل التنمية والتحولات البيئية والرقمية، وعياً منهم بالدور الرائد الذي تلعبه صناديق الإيداع كأداة مالية ناجعة لتحقيق هذه الأهداف.