الامتنان (بقلم الباحثة في التنمية الذاتية حنان الأسمر)

بقلم: حنان الأسمر*

“كن ممتنا ” جملة مكونة من كلمتين لكن حمولتها أكبر من ذلك بكثير ، فهي تخفي في طياتها أسرار العيش في نعمة و وفرة و سلام ، تفتح لك بابا للسعادة و الرضى شرط القبول و عدم المقاومة.

ماهو الإمتنان و أين يتجلى سحره؟

الإمتنان هو تقدير ما لدينا من نعم بدلا من السعي للوصول إلى درجات أخرى على أمل أن نسعد.

وهو تقدير ما نمتلكه في لحظته و التركيز عليه ، الامتنان اعتراف باطني و ظاهري بفضل الآخرين عليك، طاقة شكر مستمرة، احساس داخلي بقيمة الفضل المقدم لك.

إن ممارسة الامتنان تعتبر من أقوى الطرق الجالبة للطاقة الايجابية و مصدر رئيسي للسعادة، فمن لا يشكر و يمتن سيتسبب في تعطيل طاقة الشكر و يمنع تدفق سريان الخير في حياته لأن الشكر لله لا يكتمل إلا بشكر الناس.

كلما كنت قادرا على الاعتراف بأفضال الله و الآخرين عليك كلما زادت إمكانيتك لجذب الوفرة و التجليات في حياتك ، فمن خلال ممارستنا للإمتنان، نقوم بتغيير المجال المغناطيسي بالكامل، و نجذب الفرص لمزيد من الوفرة و الفرح و السلام إلى حياتنا.

فالإمتنان من أسرع الأدوات لتفعيل النعم المفقودة و الحفاظ على النعم الموجودة و مضاعفتها، ” و لئن شكرتم لأزيدنكم ” .

للشكر و الامتنان طاقة هائلة تظهر بعد فترة من ممارسته، حيث يؤكد الباحثون في علم النفس أن الشكر له قوة هائلة في علاج المشاكل، لأن قدرتك على مواجهة الصعاب و حل المشاكل المستعصية تتعلق بمدى امتنانك و شكرك للآخرين على ما يقدمونه لك.

إن ذبذبات الامتنان تسبب زيادة طاقة الدماغ الايجابية، مما يسبب في زيادة الإبداع  و الإنتاج و النشاط و الحيوية و الإقبال على الحياة فتزيد البهجة و السعادة ، و تزيد قوة الجهاز المناعي. و وجد العلماء أن من يمارس الامتنان اليومي للحياة لديه استعداد لاستقبال المزيد أكثر.

فالممتنون هم المستحقون .. و كلما كنت أكثر امتنانا كلما كنت أكثر استحقاقا لاستقبال المزيد من النعم و البركات، إدراك النعم و ملاحظتها و الاحساس بها و تقدير قيمتها و مباركتها ..  كلما زاد شعور الامتنان زاد الخير.

الإمتنان هو أن تعيش هوينا، و تسمح لجميع حواسك بتأمل العالم من حولك، و أن تشعر بتأثير هذا الوعي على شعورك، و كيف ستعيش اللحظة القادمة في حياتك.

إن الشعور بالامتنان هو أن تقول لكل موقف يحدث لك : ” مرحبا بك، كنت أتوقع مجيئك، شكرا لوجودك هنا لمساعدتي كي أتعلم و أنمي تفكيري ” .

تعود على ممارسة الامتنان كل ليلة قبل النوم، حمد الله على أي شيء حدث لك خلال هذا اليوم، أي شيء تشعر بالإمتنان لأجله يحدث المعجزات، ستقضي يومك و أنت تشعر بالفضل و الإمتنان، ويكون باستطاعتك أن ترى الأشياء القيمة الكثيرة التي تحدث في يومك.

إن هذا الشعور الذي لا بد أن يكون موجودا في هذه اللحظة و هذا اليوم و هذه الحياة ولا نؤجله للمستقبل حتى نستطيع إحياء أنفسنا من جديد معتقدين أن الظروف المحيطة ستكون أفضل من الحاضر. و ندرك أن كل لحظة يمكن أن تكون مليئة بالسعادة و الراحة عندما نترك الأشياء على حقيقتها، فلا يمكننا أن ” نصنع اللحظة ” أو ” نجدها ” او ” نكتسبها” و لكن يمكننا فقط أن نعيشها ، لأننا نمثل بالفعل هذه اللحظة. علينا أن نترك أنفسنا لكينونتها، علينا فقط أن نكون على ما نحن عليه.

” إن الشمس لا تشرق علينا و لكن نشرق بداخلنا ” …

*باحثة في التنمية الذاتية