الخريطة التاريخية للمملكة الشريفة مطلب شعبي (بقلم: الباحث و المؤرخ عبد الوهاب الدبيش)

بقلم: الباحث و المؤرخ عبد الوهاب الدبيش

 

منذ مدة وعبر مختلف وسائط التواصل وعبر العلاقات العامة التي أنشأتها ناديت بضرورة الاهتمام بالوثيقة التاريخية خصوصا الخريطة كوسيلة لفضح الخصوم الذين لا يتركون شيئا إلا واستخدموه في محاولة منهم تشويه صورتنا لدي الاخر وترسيخ فكرة المغرب التوسعي الاستعماري الذي يريد ان يحتل اراضي الغير

الجزائر الفرنسية التي صدر مرسوم انشائها سنة 1839وبالظبط في شهر شتنبر من هذه السنة لم تكن معروفة عند جغرافيي اوروبا وفرنسا على وجه الخصوص إلا باعتبارها إيالة او كما سموها la régence d’Alger والجزائر كلفظ بهذا الشكل برزت مع إنشاء الجزائر الفرنسية في التاريخ الذي ذكرناه سلفا
حدود هذه الإيالة ومساحتها الجغرافية لم تكن تتجاوز خمسمائة ألف كلم مربع 500000km2 وحدودها هي وادي تافنا البعيد عن منطقة بين الجراف الحالية بحوالي ثمانين كم هذا الحد ذكره المؤرخ الفرنسيAuguste Cour في كتابه l’établissement des dynasties des chérifs et leurs rivalités avec les turcs الصادر سنة 1930

هذه هي الحدود الشمالية للجوار مع الجزائر إلى حدود 1845 تاريخ معركة ايسلي والاتفاقية المذلة التي رافقتها في نفس السنة لكن يجب الإشارة إلى أن عبد القادر الجزائري كان خلال حربه مع فرنسا قد عقد اتفاقية قبل معركة ايسلي سنة 1839 عرفت باسم اتفاقية تافنا وأغضب خلالها السلطان المغربي المولى عبد الرحمان بن هشام لان تافنا كان حدا فاصلا بيننا وبين الإيالة الجزائرية ولا يحق له ان يعقد فيها اتفاقا مع فرنسا باعتبار ان هذه الأراضي مغربية وليست جزائرية او خاضعة لسيطرة فرنسا

جنوبا لم تكن الجزائر الفرنسية تتجاوز حدود التل الصحراوي إلى ما يوجد حاليا تحت الاحتلال الجزائري وكانت المنطقة الموجودةالى الحدود المالية والنيجيرية كلها تحت السيطرة المغربية ولنا وثائق وأرشيف يتحدث عن ذلك ويؤكد بنية سلطانية مغربية لها روابط بالسلطة المغربية في فا س ومكناس والرباط الخ

حتى الفرنسيين الذين كانوا يقومون بعملية استكشافية جنوب التل الصحراوي لم تنجح إلا عبر وساطات مغربية (الذين ذهبوا عبر تونس وطرابلس الغرب جلهم قتلوا في الصحراء بين 1850و1900)

لذلك فإن الطغمة العسكرية بجوار السوء لما تسمع وتقرأ في دستور المملكة ان المغرب له حدود تاريخية تصاب بالجنون والهستيريا وتصرخ في وجهنا بأننا بلد توسعي يريد احتلال أراضي ليست له

هذه الحقيقة هي التي دفعتهم إلى المناداة دولياً بضرورة احترام الحدود المتوارثة عن الاستعمار باعتبارها الحدود المقبولة

نعم ارتكبنا اخطاء قاتلة حين سكتنا او لأقل اننا لم نسكت ولكننا انشغلنا بقضايا تافهة داخليا ضيعت علينا زمنا ليس باليسير في الدفاع عن حدودنا التاريخية المعروفة لدى المتخصصين والموجودة في مختلف مكتبات الأرشيف الأوروبي

هذا الأرشيف يتطلب منا ان نزوره مرات ومرات من اجل تكوين ملف حقوقي وقانوني يعيد الاعتبار الى الحقيقة التاريخية التي تريد الجزائر القفز عليها وكأنها أراض حلمنا بها واستفقنا متأخرين للمطالبة بها

 

 

نحن لم نصمت ولم نسكت عن التجاوزات الجزائرية التي تريد ليس فقط ان تنسينا حدودنا معها لكنها تطعن حتى في أحقيتنا بأراضينا في الصحراء المغربية الحالية وكإشارة بسيطة يمكنكم العودة إلى كتاب احمد الأمين الشنقيطي الوسيط في أدباء شنقيط لتعلموا ان هذا العالم الشنقيطي الآبي رحمه الله ذكر في هذا الكتاب ان شنقيط من المغرب (الوسيط ص 429-437 طبعة فؤاد باشا القاهرة 1913)

واذا كان الامر على ما ذكره الإمام احمد الشنقيطي فما بالك بالصحراء والساقية الحمراء التي كان فقهاء المغرب يدرسونها على انها جزء من المغرب الأقصى في القرن السادس عشر الميلادي (حول هذا الموضوع يرجى العودة إلى كتاب الممتع في شرح المقنع للمزغيتي)

اتمنى من كل اعماق قلبي ان يعاد الاهتمام بالموضوع لان التاريخ يصيب حمقى قصر المرادية بالسعار ويخرجهم عن صوابهم فيرتكبون الحماقات تلو الحماقات وتحية قلبية عميقة لبلدي ولاهله ولمسؤوليه لأنهم استطاعوا برزانتهم وصبرهم اخراج حقدهؤلاء وبؤسهم وسواد قلوبهم التي ستكون بالتأكيد سببا في نهاية جرثومتهم