“الجزائر” الخليجية (بقلم عبد السميح الورياغلي)

ما الذي تختلف فيه الجزائر عن قطر، الإمارات، السعودية، الكويت، او حتى سلطنة عمان والبحرين؟ المقارنة تتجه، هنا، إلى الطفرة التنموية، التي تشهدها دول الخليج كافة، بينما تظل الجزائر عالقة في إسار الدول المتعثرة تنمويا (حتى لا نقول المتخلفة).

لقد مضى الزمن، الذي كان يسخر فيه باقي العرب على دول الخليج، بفعل سيادة الفقر والبداوة والجهل على شعوبها. وحتى عقد الثمانينيات، لم يكن يعرف لمعظم دول الخليج اي أثر ، سواء على الصعيد العربي ام على الصعيد الدولي، سياسيا، واقتصاديا و ثقافيا. اما اليوم، فإن تلك الدول الناشئة، في معظمها، حديثا، أضحت تعرف نهضة تنموية على جميع الاصعدة. المثال الحي المباشر، ونحن نتابع، اليوم، مباريات كأس العالم لكرة القدم، هو دولة قطر.

لنحول المنظار إلى الجزائر، البلد الناشئ، هو الاخر، لكن بمؤهلات بشرية وجغرافية وطبيعية هائلة. والسؤال المستهدف، من هذه المقارنة، بالطبع، يمكن صياغته على النحو التالي: لماذا تظل الجزائر متخلفة عن الركب الخليجي، على الرغم من ضخامة مصادر ثروتها، وكذا تنوعها وغناها؟

كان يمكن لإرث ثورة التحرير، ضد الإستعمار الفرنسي، ان يكون دافعا لنهضة بلد عظيم، لولا تحول ذلك الإرث إلى بروباغوندا لمعاداة الشعوب، بدل مساندتها كما يدعي الخطاب الرسمي للعسكر. و امعانا في فضح هذه البروباغاندا، كان قد اعترف الرئيس الفرنسي، في لحظة حقيقة ومكاشفة تجاه مستعمرته السابقة، بوجود ما سماه “ريع الذاكرة”، الذي يستفيد منه النظام العسكري، علاوة على ريع المحروقات.

ليس المشكل في ان يكون لهذه الدولة او تلك تاريخ قديم او لا يكون، ان يكون مجيدا او أقل مجدا، ولكن المشكل في: الا تبدأ هذه الدولة او تلك أصلا، او تبدأ ولكن على أساس مغالطات تاريخية، بادعاء امتلاك “أشياء” هي مسجلة باسم الغير.

يوم تطرح الجزائر عنها جلباب المغرب، وتلتفت إلى تطوير شؤونها الداخلية، بحسب ما تمليه عليها احتياجات شعبها، سيشهد العالم ولادة جزائر أخرى، لا تقل رفاهية وتنمية وعمرانا عن دول الخليج.

في تعليق لأحد رواد الشبكة العنكبوتية، حين استدعي تخلف الجزائر عن دول الخليج، يمكن قراءة: دول الخليج تقدمت، لان ليس فيها جبهة البوليزاريو. ومع ما يشوب التعليق من مسحة مزح، الا أنه يعبر عن حقيقة عميقة ومزدوجة: حقيقة علوق شعب في نظام عسكري قاس، وحقيقة علوق دولة في إرث ذاكرة مقيد (بالياء المكسورة).