تفضل رجاء، أم تفضل فورا؟ (بقلم د. محمد فاوزي)

بقلم د. محمد فاوزي

 

قد يستقيم التعبير الثاني “فوراً” من ناحية التركيب اللغوي ،ولكنه غير مستقيم في مواضعات التهذيب والأخلاق المتحضرة .

ومن هذا الفرق يمكن تقييم دعوة رئيس الجزائر الذي دعا ضيوفه المؤتمرين بقوله في اختتام جلسة من الجلسات:
العشاء في شيراطون فورا !!!!!

أولا ؛ ليس من تقاليد البروتوكول الرسمية والعريقة ،أن يدعو رئيس دولة شخصيا، ضيوفه علنا إلى ما يلي من عشاء أو غيره ، الا أذا كانت هناك فوضى وجهل بأصول الترتيب وتخلف دولة وسوء تنظيم .

ولعل رئيس الجزائر لم يخطئ لغويا بالمعنى المعهود للغة ،بل عبر في دعوته “الكريمة” وفق مزاج حضاري وبيئة ثقافية هما نتاج تاريخ من العنف والصراع الذي أدى إلى جلف من لغة التواصل ،نشأ فيها هو و نظامه السياسي .

وليس هناك أكرم من اللغة ؛ تعطيك ما شئت على شرط أن تكون أهلا لضيافتها ؛ فهي تهب للعاطفي غير ما تعطي للعقلاني ،وتعطي للجاهل غير ما تزود المثقف ، ولواسع الصدر غير ما للمتشنج العصبي، وللصادق غير ما للكذاب او المنافق…!

وفي مواضعات البلاغة ،هناك ما يعرف بمراعاة مقتضى الأحوال، صرف الاهتمام باللغة أصحابها عن التفصيل في مقتضيات اللباقة والأدب إلى تراتبية تهتم بالأمر والنهي اكثر مما تحمل من إيحاء حضاري او اجتماعي .

فما الذي فات عبقرية نظام “وصي” على العروبة وطموح إلى الزعامة وما تقتضيه من عقد للمؤتمرات، أن يعقد أصحابه دورات تكوينية في نظم البروتوكول ؛ الخاص بالدولة ،ولم لا بروتوكول اللغة كذلك .

ولا ريب ،أن إخواننا المشارقة الذين خاطبهم عبد المجيد تبون بلغة آمرة فيها كثير من قلة الذوق.. وفيهم الزعيم والرئيس والامير وأصحاب السمو وكبار المسؤولين. سيلتمسون العذر لصاحب الدعوة “غير الكريمة”، من نظرتهم إلى أهل المغرب الكبير؛ بأنهم مفرنسون وذوو قدر من خشونة الطباع، ولا شك انهم لبوا دعوة العشاء وهم يتبادلون او يضمرون ابتسامة التندر على خلو مؤتمر العروبة من لغة العروبة .