قمة الجزائر و دور المغرب المركزي لتطويق الإختراق الإيراني. محور طهران ـ الجزائر معول خراب يهدد الإستقرار و يزعزع الأمن الإقليمي.

بقلم: البراق شادي عبد السلام*

القمة العربية المزمع تنظيمها في الجزائر فاتح نوفمبر المقبل الذي يصادف عيد ثورة التحرير الجزائري من الإستعمار الفرنسي التي دعمها المغرب بشهادة الأحياء قبل التاريخ ماليا و سياسيا و عسكريا بشكل رسمي و شعبي بأمر من القصر الملكي المغربي في عهد بطل تحرير الشعوب العربية والإفريقية الملك محمد الخامس تحت إشراف و عناية ولي عهده آنذاك الحسن الثاني كرم الله مثواهما .

هذه القمة يعتبرها نظام شنقريحة حبل نجاته الوحيد بعد سلسلة الهزائم الديبلوماسية و السياسية و الإجتماعية التي عاشها في السنوات الأخيرة و يراهن على إنجاحها ليبرهن للداخل الجزائري أنه نظام غير معزول إقليميا و دوليا، و أن شبكة العلاقات و التحالفات الخارجية للجزائر قادرة على مساعدته في إدارة أزماته الداخلية و أن أسطورة ” القوة الضاربة ” هي معطى ثابت و حقيقة جيوسياسية و ليست مجرد أضغاث أحلام في وسادة شنقريحة .

سوء تقدير الموقف العربي من طرف النظام الجزائري لدرجة جعلته يسقط في فخ العجرفة الديبلوماسية و رفع السقف عاليا في توقعاته القمة العربية ليظن أنها تنظيمها في أرض الجزائر هي ضرورة إستراتيجية في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها دول الجامعة العربية ، فيما كانت مياه كثيرة تمر تحت الجسر ..تغيرات جيوسياسية كبرى عرفها العالم أثناء و بعد جائحة كورونا.. الجامعة العربية كفضاء إقليمي يعيش حالة الجمود السياسي منذ سقوط نظام صدام حسين .. حالة راكمتها أحداث الخريف العربي و ما رافقها من إصطفافات سياسية و إيديولوجية أثرت بشكل كبير على وحدة الصف العربي و أكدت عليها الجائحة العالمية و تصاعد حدة الإستقطاب العالمي بعد الحرب الأوكرانية .

ولم يعد خافيا على المتتبع أن المنطقة العربية باتت منطقة بأبواب مشرعة و نوافذ مفتوحة على كامل المساحة الممتدة من بغداد شرقا إلى نواكشوط غربا أمام مختلف القوى الفاعلة عالميا و إقليميا للتموقع مع الحفاظ على هامش كبير للمناورة فالمنطقة الآن تبدو في نظر القوى العالمية و الإقليمية أشبه بحلبة صراع كبرى تشكل مجالا لمنافسة شرسة قوية ،أو لتفاهم هادئ ومدروس على تقاسم المواقع بإستقطاب أنظمة و فرض أجندات على شعوب و إحتلال دول و تسليح ميليشيات و دعم الحركات الإرهابية و المؤامرات بإستخدام خونة الداخل لتطويع الأنظمة العربية و رهن إرادتها وفق مصالح دولية و جيوسياسية معينة .

هذا الوضع رفضته المملكة المملكة المغربية الشريفة بكل شموخ إباء و بمسؤولية و وضوح و بشكل صريح في رسالة وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى كل من يهمه الأمر في خطابه السامي أثناء قمة الرياض المغربية الخليجية الرياض سنة 2016 مؤكدا بأن :” المغرب حر في قراراته وإختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه، الذين لا ينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم “…///

النظام الجزائري يعلم أن مشاركة عربية واسعة رهين بإلتزام القمة المقبلة بالمواقف الراسخة للجامعة العربية إتجاه المغرب و وحدته الترابية و إعتماد خريطة المغرب كاملة غير منقوصة وفق حدودها الحقة من طنجة إلى الكويرة و إستبعاد أي إشارة لميليشيا البوليساريو في أشغال القمة و عدم المساس أو تبخيس عمل و مكانة لجنة القدس و دور رئيسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الحفاظ على المقدسات الدينية في القدس و القضية الفلسطينية و عدم الإنجرار وراء الدعايات و البروباغاندا الإيرانية التي تروج بأن أنظمة بعينها من تقود العمل المشترك للدفاع عن القضية الفلسطينية .

النظام الشمولي الجزائري حول نفسه لأداة وظيفية في أيادي ملالي إيران بسبب إنخراطه بشكل مفضوح لتنفيذ الأجندة الإيرانية التوسعية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا التي تتطابق بشكل كبير مع الأجندة البومدينة التوسعية في شمال إفريقيا و الساحل الإفريقي من حيث الأساليب و إستراتيجيات التنزيل .

كلا الأجندتين يعتمدان على توظيف الجماعات و الميليشيات الإنفصالية المسلحة لنشر الفوضى و الخراب و زعزعة الإستقرار الإقليمي و فرض الهيمنة الجيوسياسية على دول الجوار و خلق بؤر توتر عالية المخاطر وفق مخطط طويل الأمد .

نظام ولاية الفقيه في طهران يسيطر عمليا على القرار السياسي لأربع عواصم عربية ( بغداد – صنعاء – بيروت – دمشق ) من خلال إحتضان و تسليح و تدريب و تمويل الجماعات المسلحة الشيعية الوظيفية كجماعة الحوثي في اليمن و ميليشيا حزب الله في لبنان و الحشد الشعبي في العراق و دعم نظام الأسد و توفير الغطاء لتحركات ميليشيا لواء فاطميون و حركة النجباء و جماعات أخرى مسلحة في سوريا .

في الجزائر نظام جنرالات العشرية السوداء بإحتضانه و تمويله و تدريبه للميليشيا الإنفصالية البوليساريو بتنسيق مع عناصر من ميليشيا حزب الله اللبناني و محاولة تسليحها بأسلحها نوعية لكي تنفذ مخطط جنرالات العشرية السوداء في الهيمنة الإقليمية يريد إستنساخ النموذج الإيراني في شمال و غرب إفريقيا .

و تجلى ذلك في مشاركة عناصر من البوليساريو بإيعاز من الجزائر إلى جانب قوات القذافي في بداية الحرب الأهلية الليبية (القبعات الصفر) ثم دفعها لإغلاق المعبر الحدودي الدولي الكركرات أكثر من مرة في محاولات فاشلة لتطويق المغرب جيوسياسيا و قطع شريانه الإفريقي قبل طردهم بعملية نوعية أمنية و عسكرية نفذتها أسود القوات المسلحة الملكية بكل إحترافية و مهنية في 13 نوتبر 2020 ، ثم مؤخرا فرض إستقبال زعيم ميليشيا البوليساريو الإنفصالية على الدولة التونسية في مؤتمر تيكاد 8 .

و بالتالي أصبح النظام الجزائري يتحرك وفق منهج هدفه أن يسيطر عمليا على الشأن الداخلي التونسي و يؤثر بشكل كبير على التحركات الجيوسياسية لموريطانيا و محاولة التأثير على القرار في العاصمة باماكو بمالي بتنسيق مع الشركات الأمنية الروسية و التدخل في الإنتخابات بالنيجر و التهديد بفرض خط أحمر وهمي جزائري في طرابلس .

فالدول الخليجية تعتبر المملكة المغربية الشريفة من بين أهم الضمانات الإقليمية المطروحة لمواجهة الوصاية الإيرانية على أشغال القمة لذا أصرت الدول الخليجية على مشاركة المغرب في أشغال القمة و هددت بمقاطعتها وفق تصريحات نشرتها الصحافة بالتالي إحباط محاولات نظام شنقريحة إستبعاد الرباط من أشغالها.

المتتبع لتحركات الديبلوماسية الجزائرية منذ بداية الحرب في أوكرانيا يلاحظ حالة من التخبط و اللاتماثل التي تصيب القرار اللاالديبلوماسي الجزائري في غياب موقف واضح متكامل مع السياسات الداخلية مما يؤكد حالة التطاحن الداخلي و حرب تكسير العظام التي يعيشها نظام الجنرالات .

وضعية الصراع الداخلي بين أجنحة النظام في الجزائر خاصة بين الواجهة المدنية في قصر المرادية وجنرالات العشرية السوداء في بنعكنون في حالة إستمرارها و عدم قدرة القيادة السياسية على تدبير هذا الصراع في إطار توافقي قد يؤدي حتما إلى عشرية دموية ثانية لاقدر الله سيؤدي ثمنها الشعب الجزائري الشقيق .

فالموقف المتخاذل الذي سبق و تبنته الديبلوماسية الجزائرية قبل شهور في التصويت على قرار أممي في موضوع الحرب الروسية على أوكرانيا بموجبه الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين روسيا الشريك الإستراتيجي للجزائر هو دليل آخر على الضعف البنيوي الذي أصاب النظام الجزائري ويبرهن للعالم مرة أخرى على تورطه في أزمة داخلية أنهكت هياكل الدولة بسبب صراع الأجنحة مما تسبب في تصدع الموقف الداخلي و تشرذم و تداخل القرار السياسي مع القرار العسكري و غياب رؤية إستراتجية واضحة لمواقف الجزائر وعلاقاتها الدولية .

العقوبات الإقتصادية التي سبق و فرضها الإتحاد الأوروبي و أمريكا على روسيا خاصة بعد إستبعادها من النظام المالي ” سويفت ” يجعل من الصعب عل الطرفين الروسي و الجزائري إستكمال تسليم صفقات السلاح الإستراتيجية التي يعول عليها جنرالات الجزائر لفرض سيادتها الإقليمية في غرب المتوسط ،خاصة صفقة طائرات الجيل الخامس الروسية سوخوي 35  تقابلها إف 35 الأمريكية و منظومة الدفاع الجوي S400 في محاولة يائسة لتحديث الخردة الروسية الموروثة من زمن الحرب الباردة .

خاصة و أنه توجد تحركات قبل أيام في داخل مجلس الشيوخ الأمريكي يقودها السيناتور الجمهوري الاميركي ماركو روبيو، والذي يرأس لجنة مجلس الشيوخ المكلفة بالإستخبارات، بالكونغرس الأمريكي، من خلال طلب يدعو فيه إلى فرض عقوبات على النظام العسكري الجزائري، بسبب صفقاتها العسكرية الضخمة مع روسيا.

الجزائر كنظام أوليغاركي مغلق يعاني من تصدعات داخلية كبيرة و خطر إنهيار وشيك بسبب الأزمة الإجتماعية وسوء التدبير و غياب الحكامة و الرؤية الإستراتيجية في تدبير الشأن الإقتصادي، وضعية فاقمتها موجات الغلاء و ندرة المواد الأساسية ( طوابير الحليب – البطاطس – السميد – الزيت) بسبب تداعيات جائحة كورونا و الفساد البنيوي و البيروقراطية الغبية اللذان ينهكان منظومة الإقتصاد الجزائري.

كل هذه الأسباب بالإضافة لتداعيات الحرب الأوكرانية فإنها قد تؤدي لموجة غضب مجتمعي وشيك في الجزائر ستكون له تأثيراته إقليميا و دوليا .

من جهة أخرى في وقت إشتغلت مجموعة من الدول في العالم على صياغة نموذج تنموي خاص بها من خلال تطوير آليات مجتمعية لوضع رؤية إستراتيجية للتنمية الشاملة بشكل متناغم مع خطة أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في أفق 2030 بشكل يضمن الكرامة و العدالة و السلم و العيش الكريم لشعوبها .فضل نظام الجنرالات بالجزائر تبديد مقدرات الشعب الجزائري باللعب على ورقة الردع العسكري و تنمية قدراته العسكرية و الدخول في مغامرات تسليح بميزانيات ضخمة لبناء منظومة عسكرية هجومية تساعده على تحقيق حلم الهيمنة الإقليمية دون مواكبة إقتصادية أو العمل على تحسين جودة الحياة و الوضعية الإجتماعية للشعب الجزائري الشقيق.

في الآونة الأخيرة راكم النظام الجزائري هزائم داخلية و خارجية على جميع الأصعدة خاصة على المستوى الديبلوماسي حيث أصبحت معاكسة مصالح المغرب عقيدة ديبلوماسية جزائرية قابلتها في المغرب إستراتيجية التطويق الإقليمي و الحصار الديبلوماسي لميليشيات البوليساريو في المحافل الدولية و تعميق العلاقات الثنائية مع مختلف الدول و المؤسسات و المنتديات الدولية و العمل على تنويع شركائه الاستراتيجيين، كمثال التقارب الإستراتيجي المغربي مع حلف “فيشغراد” الخاص دول وسط أوروبا الذي تبدي دوله ليونة في التعامل مع القضايا الاستراتيجية للرباط بما في ذلك قضية الصحراء المغربية ، وموقف إسبانيا و ألمانيا و هولندا الإيجابي و الواضح من الوحدة الترابية للمملكة المغربية في وقت تعمل فيه الديبلوماسية الموازية المغربية على قدم و ساق لتحصين المكتسبات و بناء شراكات موازية جديدة آخرها مواقف البرلمان دول الأنديز في أمريكا اللاتينية بأن تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ينبغي أن تمر بالضرورة عبر الأمم المتحدة في إطار المخطط المغربي للحكم الذاتي و الحرص على إستدامة المسار الإستراتيجي لديبلوماسية القنصليات التي أصبحت جزءا أساسيا من العقيدة الديبلوماسية المغربية آخرها فتح قنصلية تشاد و الطوغو بالصحراء المغربية و سحب كينيا إعترافها بجمهورية الوهم بقرار حازم يحمل أكثر من دلالة و تراجع جمهورية البيرو على مواقفها السابقة .

مطاردة ” وهم الإنتصار على المغرب” يتجسد في تصريح سابق قبل شهور للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام الجالية الجزائرية بالكويت بأن أمن السعودية و قطر و الكويت من أمن الجزائر في محاولة لإستعراض فاشل للقوة في منطقة الخليج التي تعد منطقة تماس إستراتيجي دولية عالية المخاطر بهدف التأثير على القرار العربي المشترك و المساس بالتعاون الإستراتيجي المغربي / الخليجي الذي يعتبر جزءا من المعادلة الأمنية في الخليج من عقود و التي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس نصره الله بوضوح في القمة الخليجية المغربية بالرياض 2016 : بقوله «فالدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا،بل هو واحد لا يتجزأ . فالمغرب يعتبر دائما أمن و إستقرار دول الخليج العربي ، من أمن المغرب. ما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم.».

هنا يحق لنا التساؤل ماهو الخطر الأمني الذي يهدد الدول العربية في منطقة الخليج ؟! ومن هو العدو الممكن أن يواجهه الجيش الجزائري في منطقة الخليج ؟! الجواب بكل بساطة هو نظام الملالي في إيران الحليف الإستراتيجي للجزائر !!!

دول الخليج العربي منذ نجاح ثورة الخميني و إعتماد إيران نظام ولاية الفقيه كنهج لتصدير الثورة ثم سقوط نظام صدام حسين بعد التدخل الأمريكي في يد الميليشيات الإيرانية، النظام العراقي الذي كان يشكل حائط صد إقليمي ضد الفكر التوسعي الإيراني الصفوي ، لتصبح إيران في مواجهة مباشرة مع دول الخليج و تشكل تهديدا وجوديا لإستقلالها و سيادتها و وجودها على الخريطة .

في سبعينيات القرن الماضي كانت الدكتاتوريات العسكرية العربية كجزائر بومدين و نظام صدام حسين في العراق و نظام حافظ الأسد في سوريا وليبيا معمر القذافي و باقي الميليشيات المسلحة في لبنان وفلسطين تعادي وتهدد أنظمة الخليج بالإبتزاز و التهميش و تمويل العمليات الإرهابية ضد مصالحها الخارجية .

في المقابل كانت سياسة المغرب الخليجية في عهد الراحل الحسن الثاني بروح أخوية صادقة هي تقديم كل أشكال الدعم و المواكبة و الإحتضان على جميع المستويات إقتصاديا و إداريا و أمنيا وعسكريا و قضائيا لهذه الدول و الإمارات و المشيخات التي كانت حديثة الإستقلال و بدون بنية تحتية أو نظام سياسي إداري حديث .

العلاقات الإيرانية/ الجزائرية هي علاقات فوق الممتازة و التنسيق الإيراني الجزائري على جميع المستويات لم ينقطع أبدا ،فحسب تقارير يوجد تعاون عسكري إيراني/ جزائري رفيع المستوى، بدت معالمه واضحة في تبادل الزيارات بين رؤساء الأركان في المؤسستين العسكريتين الجزائرية والإيرانية، تهدف منه الجزائر توطيد علاقتها مع حليفها الاستراتيجيي إيران لدعم دورها الإقليمي بشأن قضية الصحراء المغربية ودعم المخططات الإنفصالية لجبهة “البوليساريو “، وهذا ما يفسر التنسيق السري بين حزب الله ( حليف إيران ) و جبهة “البوليساريو” الجزائرية و على هذا الأساس قام المغرب بقطع علاقاته الديبلوماسية مع إيران أكثر من مرة ردا على محاولتها التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب .

النظام الجزائري في كل مرة يستعرض بشكل بهلواني عضلاته العسكرية في وقت لا يستطيع تجاوز الدور المحوري للمغرب في منطقة الخليج كشريك إستراتيجي تاريخي فالمغرب كان مرشحا هو و الأبعد جغرافيا للإنضمام لمجلس التعاون الخليجي يطلب من دول مجلس التعاون مجتمعة بعد أحداث الخريف العربي .

نظام الجنرالات يقترف يوميا سخافات ديبلوماسية تؤثثها تصريحات هلامية حول أمن الخليج سبقتها مجموعة من الهزائم الديبلوماسية في مختلف المحافل الدولية ، والتدخل السافر في الإختيارات الديبلوماسية الإستراتيجية لدول الجوار (علاقات المغرب مع إسرائيل) ومحاولة فرض هيمنة وهمية على ليبيا ( تصريحات تبون و إعتبار طرابلس هي الخط الأحمر الجزائري في ليبيا مقابل الخط الاحمر المصري سرت /الجفرة ) والسعي للوصاية على تونس و فرض إستقبال زعيم ميليشيا إنفصالية على الرئيس التونسي و التدخل السافر في شؤون مالي و التلاعب في إنتخابات النيجر و العبث بشمال موريتانيا بإستخدام ميليشيا البوليساريو وإنخراطها بدعوة من رئيس الوزراء الأثيوبي في مجموعة الأربعة 4 G داخل الإتحاد الإفريقي التي ولدت ميتة و بدون حد أدنى للتوافق بين هذه الدول ( جنوب إفريقيا – نيجيريا – أثيوبيا – الجزائر ) هذه المجموعة التي لا تتناغم مواقف دولها سياسياً في قضايا وملفات إفريقية عدة لعل أهمها أزمة سد النهضة، والقضية الفلسطينية، والعلاقات الأفريقية- الإسرائيلية.

هذا التكتل الإفريقي الجديد هو بمثابة تهريب سياسي لقضايا القارة الإفريقية نحو صالونات ديبلوماسية خلفية و مظلمة بدل الإعتماد على منظمة الإتحاد الإفريقي كفضاء إفريقي مندمج لمناقشة و البحث عن حلول للقضايا الإفريقية ، الإتحاد الإفريقي الذي يحظى فيه المغرب بنفوذ سياسي و إقتصادي يتعاظم بشكل يومي هو دليل آخر على قوة و نجاعة إستجابة جهاز الديبلوماسية المغربية و المصالح الخارجية لأي خطر يهدد الأمن القومي و المصالح العليا للمملكة المغربية الشريفة و يؤكد مدى عمق التأثير القاري للمغرب داخل هياكل الإتحاد الإفريقي خاصة و أن جميع هذه الدول تعاكس المغرب في ملف وحدته الترابية .

النظام الجزائري اليوم يعاني من أزمة كفاءات سياسية و تنظيمية حادة ،فبعد إنتخابات رئاسية فاقدة للشرعية هو تحت حكم رجل بسيط و ميكانيكي في خطابه السياسي و جد إنفعالي في ممارسته لقواعد الحكم و خير دليل هو آداءه في قصر المرادية كرئيس شبه صوري للجزائر فاقد لأي سلطة سياسية يردد سكريبت متفق عليه بأن الخطر دائما من بلد ” هوك “.

في ظل هذه المعطيات عوض أن يبحث نظام الجنرالات على تسويات تاريخية سواء في الداخل و الإستثمار في الطاقات الحقيقية التي يمثلها االشعب الجزائري الشقيق أو فتح قنوات الحوار الجدي مع المحيط الإقليمي خاصة مع المغرب القوة الإقليمية الجديدة و التركيز على التحديات الإقليمية الكبرى التي يحملها المستقبل للشعوب ، نجد أن هذا النظام لايزال وفياً لسردياته و أزلياته المتهالكة والتي يحضر فيها المغرب بإستمرار بوصفه ” العدو الضرورة “.