مما لا شك فيه أن المغاربة كلهم سيقفون لحظة تأمل بكل تقدير وإجلال عند مسار ملك عظيم وهمام وقائد مؤثر، في ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني التي تصادف 23 يوليوز من كل سنة، حيث سيخلد الشعب المغربي بأكمله الذكرى على ملك الأمة طبع ببصماته التحولات الكبرى، كما أثر بشخصيته وحكمته وبعد نظره في الأحداث العالمية الكبرى التي ميزت عهده .
ذكرى طبعتها احداث كثيرة وتحولات سواء على مستوى السياسة الداخلية للبلاد وما أفرزته من بروز تيارات مناهضة قامت في العديد من المرات بمحاولات الانقلاب على الملكية انتهت كلها بالفشل، أو على المستوى الخارجي، خصوصا ما تعلق استقرار المغرب وتوحيد وحدته الترابية، مرورا بأبرز وأقوى خطاباته عبر التاريخ .
أما على الصعيد الدبلوماسي والدولي، فقد عرف عن الملك الراحل الحسن الثاني بدفاعه عن الحوار كأفضل الحلول لفض النزاعات وتحقيق السلم والأمن، وخاصة في النزاع العربي الإسرائيلي الذي لعب فيه الملك الراحل دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين تل أبيب وبين عدد من العواصم العربية، فضلا عن التقريب بين الشعوب والحضارات الكبرى والديانات. وكان العديد من القادة العرب يستشيرون مع الحسن الثاني في كثير من الأزمات التي واجهتهم، بالنظر إلى ما عرف عنه من دهاء سياسي.
رجل الحنكة والبلاغة ،قاد المملكة المغربية لـ38 سنة، فبعد أن خلف والده، الملك الراحل محمد الخامس سنة 1961، البلاد في مسيرة استكمال الوحدة الترابية، وتعزيز أسس الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وتجسد الذكرى 23 يوليوز، عيد الاستقلال، إرادة شعبية راسخة للاحتفاء بتاريخ المملكة، والترحم على روح ملك متبصر استطاع قيادة المغرب نحو العصرنة مع المحافظة على هويته وإرثه وحضارته .
هذا وتميز الحسن الثاني أيضا بخطاباته التي كانت أغلبها غير مكتوبة، حيث كانت تطبعها الارتجالية من مخض إبداعه و دهائه السياسي ،وهو ما كان يضفي عليها نكهة خاصة ما زالت في ذاكرة المغاربة يحتفظون بمقتطفات منها إلى اليوم.