تعتبر الحنجرة أقدم آلة موسيقية في تاريخ البشرية ظهرت مع ظهور البشر على هذه البسيطة وهي آلة ربانيه الصنع طائعة، لم تخترع هذه الأعداد الضخمة من الآلات الموسيقيه إلا لتقليدها ومحاكاتها، فلها عدة وظائف تعبيرية تجسد ما يخالج العقل والفؤاد من تعابير وأحاسيس.
وقد أدرك الإنسان الأول قيمتها فطوعها في تقليد أصوات الحيوانات من أجل اصطيادها وتدجينها، كما عبر بها عن حزنه وعن فرحه وابتهاجه، وكان لها في جل الحالات التأثير العظيم، وكمسلمين فإننا ندرك خطورة وقوة هذه الأداة الربانية، التي كرمها الله وجعلها آلة أساسية لتزيين كلامه، وقال الأثر زينوا القرآن بأصواتكم، والأصوات هي في حقيقة الأمر عبارة عن أنواع من الأنغام، يندرج فيها المقرئ ليعبر عن معان سامية فيكون لها بذلك وقعا أكيدا عن الأفئدة.
كما كرم الله الحنجرة فجعلها الأداة الوحيدة لمناداة المسلمين إلى الصلاة، لكونها تصدر كلاما ممزوجا بتلحين متموج يعتمد نغمة مختارة حسب الموضوع، فهناك نغمات تصلح للحزن مثلا وأخرى للفرح كما أدرك المسلمون قيمة هذه الآلة الربانية، وأدرك الغرب قيمتها ايضا فاصبحوا يكونون فرقا للغناء سموها كورال للتعبد بها في كنائسهم، وقد استعملوا فيها تقنيات متطورة أو حتى بها صدى جدران الكنيسة وهي تقنيات الأصوات المنسجمة لارموني، التي يختلف فيها الصوت الغليظ مع الرقيق مع المتوسط لتعطي صوتا واحدا منسجما. كما استعملت هذه التقنية في ما بعد في التلاحين والأغاني الأخرى.
أما عندنا في المغرب فقد كرم الإنسان المغربي هذه الآلة واستخرج منها أصواتا مغربيه استعملها في فن السماع الذي يعتمد على موسيقى وعلى أنغام مغربيه بلا منازع، لهذا كله تجد الفنان الذي يعتمد على حنجرته أكثر من الآلة ترتفع قيمته ويحظى بقيادة عدد أكبر من الآلات المصنوعة، التي لا تتعدى دور اصطحاب هذه الآلة الطبيعية التي سميتها بالآلة الربانية.