تابعنا في بيت الشعر في المغرب حادثة الطّفل ريان، الذي سقطت طفولتُه الريّانة في قعر الجبّ. خمسة أيام وأنفاسُنا مشدودةٌ إلى أنفاس هذا الطفل، الذي كان الهواءُ يضيقُ على رئتيه، فيما العالم أجمع كان مستعدَّا ليمنحَه كلّ أوكسجين الأرض، علّه يُعينُه في عُـزلته وغربته تلك التي عاشها بعيدًا عن والديه، قريبًا من دعواتنا و أكـفّـنا التي كنا نرفعُها، صباح مساء، بالدّعاء ليعودَ إلينا كما عاد يوسف إلى والديه.
خمسةُ أيام كانت كافية ليعيشَ في قصيدتنا هذا الطفلُ ابنُ الخمسة أعوام، ليعيشَ العُمرَ كلّه، حاضرا ريّانا، بعد أنْ نجح في توحيد العالم، وحشْد الانتباه لحالة طفولتنا في اللحظة التي يدفعُها فضولُ الاكتشاف، وغيابُ مرافق اللعب، نحو غياهبِ المجهول.
إن بيت الشعر في المغرب، إذ ينعي قصيدتنا البكر هاته، التي لم تجد طريقها للإيناع، يتقدم بخالص العزاء و صادق المواساة لوالدي الطفل ريان، شاكرا و مقدّرا الجهود التي بذلتها أيدي الإنقاذ المغربية التي هزمت الجبل، واستعادت من جوفه ابننا ريان، ليرقد في حُفرة أخرى حيث يُمكنُ الترحم عليه، وتركُ وردة على قبره، تمدّ عروقَها بالطيب إلى جسده المنهك الصغير.
كما نشكرُ في بيت الشعر في المغرب كلَّ من شاركنا الأمل، و تقاسمَ معنا الألم، خلال هذه المحنة التي وحّدت البشرية في مشارق الأرض ومغاربها، وأكّدت، بجلاء، الحاجة المستمرة إلى ما يوقظ المشاعر الدفينة في قعر الإنسان، و يبعثها من جبّ اللامبالاة نحو سطح المعنى والحياة.
شكرًا لك ريان… شكرا للقصيدة التي ضفرتها في بئرك الدفينة، والتي عبَرت معك النفق نحو وجداننا وذواتنا، فغسلتها بالماء والضوء.
إنا لله و إنا إليه راجعون….