
بقلم: محمد خوخشاني

يُعتبر قرار مجلس الأمن الأخير 2797 بتاريخ 32 أكتوبر 2025 إنجازاً دبلوماسياً مهماً للمغرب، والسياسة الخارجية المنفتحة والمتعددة الأقطاب التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس كانت عاملاً حاسماً في تحقيق هذا الإنجاز.
تتجلى العلاقة بين السياسة المنفتحة التي انتهجها المغرب والنجاح في ترسيخ مقترح الحكم الذاتي دولياً في المحاور الثلاثة التالية :
1. بناء تحالفات واسعة ودعم دولي ملموس:
● دبلوماسية اقتصادية شاملة: ساهمت اتفاقيات الشراكة والتجارة الحرة مع دول متنوعة من أفريقيا وآسيا وأمريكا في خلق مصالح اقتصادية مشتركة لهذه الدول مع المغرب. هذا يجعلها أكثر ميلاً لدعم مواقفه السياسية، بما فيها قضية الصحراء، كشريك موثوق ومستقر.
● كسب تأييد خارج الإطار التقليدي: لم يعد تأييد مقترح الحكم الذاتي مقتصراً على الحلفاء التاريخيين مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. فبفضل سياسة الانفتاح، حظي المغرب بدعم علني ومتزايد من دول أفريقية مهمة، وبعض الدول العربية والخليجية، بل وحتى من روسيا التي تشير تقارير إلى أنها تعتبر المبادرة “جديرة بالاهتمام”.
2. تعزيز صورة المغرب كقاعدة استقرار وعقلانية:
● السياسة الخارجية المتوازنة: في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات، قدّم المغرب نفسه كدولة ذات سياسة خارجية متزنة وعقلانية، تتجنب الاصطفافات الحادة وتسعى لبناء جسور مع جميع الأطراف. هذه الصورة تعزز ثقة المجتمع الدولي في مقترحات المغرب ورؤيته، بما فيها مخطط الحكم الذاتي، الذي يُصوَّر كحل “واقعي” و”عملي”.
● الانفتاح على أفريقيا: سياسة التقارب مع أفريقيا التي قادها الملك محمد السادس شخصياً، قللت بشكل كبير من تأثير الدبلوماسية الجزائرية وتحركات البوليساريو في المحافل الأفريقية، وساهمت في عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، مما عزز شرعيته وموقفه التفاوضي.
3. تحييد المعارضين المحتملين وكسب حياد إيجابي:
● علاقات متوازنة مع القوى الكبرى: من خلال علاقاته الجيدة مع جميع الأقطاب سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا وحتى الصين، نجح المغرب في تحييد أي دعم محتمل لموقف الخصوم أو الضغط من أجل خيار الاستفتاء.
● الحياد الإيجابي للصين: تعتبر الصين لاعباً مهماً في مجلس الأمن. علاقات المغرب الاقتصادية والسياسية المتينة مع بكين تساهم على الأرجح في حيادها الإيجابي، حيث تمتنع عن معارضة المقترح المغربي صراحة.
نعم، القرار الأخير لمجلس الأمن هو ثمرة مباشرة للسياسة الذكية والمنفتحة التي ينتهجها المغرب.
لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، بل هو نتيجة لعمل دبلوماسي تراكمي وممنهج استمر لسنوات، قام على:
● تنويع الشراكات لخلق شبكة واسعة من المصالح المتبادلة.
● تعزيز صورة المغرب كقوة إقليمية مستقرة وبناء الثقة في رؤيته السياسية.
● تحييد المعارضة من خلال علاقات متوازنة مع جميع الفاعلين الدوليين.
هذا الإنجاز التاريخي يؤكد أن الاختيار الاستراتيجي للمغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، بالانفتاح على جميع الدول وعدم وضع كل البيض في سلة واحدة، هو اختيار صائب ومثمر، ويعزز بشكل كبير الموقف التفاوضي للمملكة في قضيتها الوطنية.






