
بقلم: رضا جعالي
يمتلك المغرب واحدة من أكثر شبكات الطرق السيارة تطوراً في القارة الإفريقية. هذا النسيج ساهم في تعزيز الربط بين الجهات، وتنشيط التبادلات الاقتصادية، وتسهيل تنقل المواطنين. ومع ذلك، لا تزال هناك تفاوتات في طريقة توزيع وإدارة محطات الأداء، خاصة على المحور الاستراتيجي الذي يربط بين طنجة وأكادير.
يكفي القيام بمقارنة بسيطة مع محور الرباط–وجدة لإبراز هذا الاختلال. فعلى مسافة تتجاوز 500 كيلومتر بين الرباط ووجدة، لا يتوقف المستعمل إلا مرتين فقط: مرة في سيدي علال البحراوي لأخذ تذكرة، ومرة ثانية عند مدخل وجدة للدفع. النظام هناك بسيط، سلس، وواضح، ويعتمد على نموذج مغلق يتيح الفوترة بناءً على عدد الكيلومترات الفعلية المقطوعة، دون إيقاف الرحلة.
وبالمقابل، بين طنجة وأكادير، يواجه المستعمل ما لا يقل عن ثماني محطات أداء. بعد أخذ التذكرة في طنجة، يتوقف أولاً في شمال القنيطرة للدفع، ثم عند جنوب القنيطرة، تكنوبوليس (سلا)، بوزنيقة، وتيط مليل، وجميعها محطات أداء مفتوحة. في برشيد، يحصل على تذكرة جديدة، ويتم الدفع النهائي عند مدخل أكادير. هذا المسار يتضمن توقفات متكررة، ما يعرقل انسيابية الحركة ويهدر وقتاً ثميناً للمسافرين.
محطة بوزنيقة تعد مثالاً بارزاً على هذا الإشكال. ففي فترات الذروة، خاصة عطلة نهاية الأسبوع، والأعياد، والعطل، تتشكل طوابير من السيارات تمتد لعدة كيلومترات. هذه الازدحامات تؤدي إلى استهلاك زائد للوقود، وزيادة الضغط النفسي على السائقين، وتسبب اختناقاً مرورياً عاماً على المحور الرابط بين الرباط والدار البيضاء. وجود مثل هذا الاختناق في محور حيوي يوضح حدود نظام محطات الأداء المفتوحة.
أمام هذا الوضع، يفرض الإصلاح نفسه. المقترح هو إزالة محطة الأداء بجنوب القنيطرة، وتحويل محور الرباط–الدار البيضاء إلى نظام مغلق. عملياً، يعني ذلك إزالة محطة الأداء المفتوحة ببوزنيقة، وتمكين المستعملين من أخذ تذكرة في عين عتيق أو جنوب تكنوبوليس، ثم الدفع في تيط مليل أو عين حرودة حسب اتجاه السير. وبفضل مشروع فصل المسارات في عين حرودة، أصبح تنفيذ هذا التنظيم ممكناً من الناحية التقنية. صحيح أن خدمة “جواز” تساهم حالياً في تسهيل حركة المرور وتقليل الازدحام، إلا أن إزالة محطات الأداء المفتوحة وتعميم النظام المغلق على جميع الشبكة، مع الاستمرار في استخدام “جواز”، سيجعل حركة المرور أكثر انسيابية وكفاءة.
هذا التغيير سيجلب فوائد عديدة. إزالة محطات الأداء المفتوحة ستقلل بشكل كبير من التوقفات على محور طنجة–أكادير، وتحسن الانسيابية، وتخفف الضغط على النقاط الحساسة مثل بوزنيقة. باعتماد تسعيرة تتناسب مع المسافة الفعلية المقطوعة، سيكون النظام أكثر عدلاً وشفافية للمستعملين. كما أن تقليل التوقفات يعني تقليل التلوث، وتقليل استهلاك المركبات، وتحقيق فعالية أكبر في استهلاك الطاقة، بما يتماشى مع أهداف المغرب في مجال الاستدامة.
الأهم، أن هذا الإصلاح يكتسي أهمية استراتيجية قصوى مع اقتراب كأس العالم 2030، الذي سيستضيفه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال. تنظيم حدث بهذا الحجم يتطلب حركة نقل سلسة وسريعة وموثوقة في جميع أنحاء البلاد. ملايين الزوار المنتظرين يجب أن يتمكنوا من التنقل بسهولة، خاصة بين المدن المستضيفة مثل طنجة، الرباط، الدار البيضاء، مراكش، وأكادير. تقليص نقاط الأداء وتسهيل المحاور الطرقية يصبح شرطاً أساسياً لنجاح التنظيم ولتعزيز صورة المغرب دولياً.
إلى جانب هذا الحدث الكبير، فإن هذا المقترح سيسمح أيضاً بإعادة هيكلة ذكية لشبكة الطرق السيارة الوطنية، مع توزيع محاور مغلقة بشكل متوازن:
- محور شمالي من طنجة إلى القنيطرة.
- محور شرقي من الرباط إلى وجدة، بما في ذلك الربط المستقبلي مع ميناء الناظور غرب المتوسط.
- محور مركزي بين الرباط والدار البيضاء، مع تحسينه بفضل إزالة المحطات المفتوحة.
- محور غربي من الدار البيضاء إلى آسفي.
- محور جنوبي من برشيد إلى أكادير، يخدم مراكش والمناطق الجنوبية.
- محور وسط-شرقي من برشيد إلى بني ملال.
هذه الشبكة ستوفر طرقاً سيارة أكثر وضوحاً، وتوازناً، وحداثة، بما يتناسب مع الطموحات الاقتصادية والسياحية والرياضية للمغرب في أفق 2030.
لقد حان الوقت لكي تعيد شركة الطرق السيارة بالمغرب النظر في النموذج الحالي. تحديث نظام الأداء بين طنجة وأكادير لا يتطلب أشغالاً كبرى، بل إرادة سياسية ومنطقاً يقوم على العدالة المجالية. إنه إصلاح بسيط، عملي، وينتظره آلاف المستعملين يومياً. من أجل شبكة أكثر انسيابية، وأكثر عدلاً، تليق ببلد يتحرك نحو المستقبل.



