
بقلم: زكية لعروسي

قيل في الأمثال: “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”، ويبدو أن هذا القول ينطبق تمامًا على ما تقوم به إيران وذراعها الجزائر في المنطقة المغاربية. ففي الوقت الذي تمد فيه المملكة المغربية يدها للسلام والتعاون، تصر طهران والجزائر على الاستثمار في الفوضى وزراعة الفتن، مجندتين أدوات قديمة في حرب بالوكالة لا تخدم إلا أجندات الظلام.
تقرير واشنطن بوست كشف المستور، مؤكدًا أن إيران قامت بتدريب ميليشيات تابعة لجبهة البوليساريو، في خطوة خطيرة تؤكد أن النظام الإيراني لا يكتفي بتصدير ثورته إلى الشرق الأوسط، بل يسعى لمد مجساته الأخطبوطية نحو شمال إفريقيا. إنه مشهد يذكّرنا بالمثل المغربي: “اللي حرّك النمل، يستاهل القرصة.”
إيران التي تمرر أجنداتها التخريبية عبر شبكات عابرة للحدود، وجدت في النظام الجزائري شريكًا مخلصًا في بث القلاقل. الجزائر، بدلا من أن توجّه طاقاتها نحو البناء والتنمية، تُمعن في عدائها للمغرب، متحدية التاريخ والجغرافيا، وناكثة بروابط الدم والدين واللغة. “الجار قبل الدار”، ولكن ماذا تفعل إذا كان الجار خصيما يُغذّي نار الحقد بدل أن يطفيها؟
في هذا السياق، قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية المغربي، خلال لقاءه مع مسؤولين أمريكيين:
“ما تقوم به إيران من خلال دعم وتدريب وتسليح البوليساريو، هو تهديد مباشر لأمن واستقرار شمال إفريقيا، ويجب على المجتمع الدولي أن يضع حدًا لهذا التمدد العدواني.”
وفي تأكيد أمريكي واضح، صرّح ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي في لقاء مع بوريطة: “نحن نعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية تحت السيادة المغربية هي الإطار الواقعي الوحيد لحل النزاع، وندعم بقوة شراكتنا الاستراتيجية مع المغرب.”
أما دوليا، فقد صرّح جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية: “استقرار المغرب يعني استقرار شمال إفريقيا. كل تدخل خارجي لتسليح النزاعات الانفصالية مرفوض.”
كما عبّر أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، في خطاب له: “التدخل الإيراني لا يستهدف فقط الحدود، بل الهوية، فالمذهب المستورد لا ينسجم مع ثوابت الأمة المغربية، ولا مع تعايشها التاريخي.”
إن المغرب، بحكمة قيادته، وبفضل تلاحم شعبه، يدرك أن “كل كلب ينبح لا يعض”، ولن تنال منه محاولات التآمر ولا التحالفات المريضة. ولن تُثني هذه المناورات الخبيثة عزيمة أمة حفِظت ببركة التاريخ، وحنكة الملوك، وإجماع الشعب.
إن المملكة، بدعم حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ماضية في تثبيت سيادتها على صحرائها، ولن يُفلح من يريد أن يزرع الشوك في طريقها. فالعالم اليوم بات يعي من يقف في صف القانون، ومن يراهن على الميليشيات والانفصال.
ولعلنا نختم بحكمة عربية بليغة: “إذا أراد الله فضيحة منافق، جعله يتحدث كثيرا.” وها هي إيران والجزائر، بكثرة دسائسهما وتواطئهما، يكشفان حقيقة نواياهما: لا دعم لحق، ولا سعي للسلام، بل مشروع خراب متنكر في عباءة “الدفاع عن الشعوب”.
فليعلم دعاة الفتنة أن المغرب عصيّ على التآمر، صلب في مواجهة الأزمات، وقادر على إطفاء كل نار أُوقدت من أجل تفتيت وحدته الترابية.


