أخباردولي

دونالد ترامب: قيصر الاقتصاد أم بروميثيوس العصر الحديث؟

بقلم: زكية لعروسي

 

عندما يقف رئيس أمام العالم ويعلن “إعلان استقلال اقتصادي”، فهو لا يتصرف كرجل سياسة عادي، بل كإمبراطور يفرض رؤيته على مجرى التاريخ. دونالد ترامب ليس مجرد رئيس أمريكي آخر، بل شخصية تبدو وكأنها خرجت من رحم الأساطير، يتحدى العالم كما يتحدى أبطال الملاحم قوانين الكون.

إن ترامب، في إصراره الجامح، يشبه بروميثيوس الإغريقي، ذاك الذي سرق النار من الآلهة ليمنحها للبشر. لكنه في هذه الحالة، لا يمنح النار، بل يحاول استعادتها، مسلحا بقرارات اقتصادية تشعل صراعا تجاريا عالميا، يعيد تشكيل موازين القوى.

هو أيضا قيصر حديث، يضرب بيد من حديد، غير آبه بالتحذيرات من التبعات الاقتصادية، واضعا مصلحة “الإمبراطورية الأمريكية” فوق كل اعتبار. فهل يكون هذا التدخل الحاسم إعادة بناء لعظمة أمريكا، أم بداية لانهيار اقتصادي عالمي؟

إعلان ترامب عن فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على السيارات المستوردة، و34% على المنتجات الصينية، و20% على الاتحاد الأوروبي، هو بمثابة إعلان حرب اقتصادية. ليست حربا بالأسلحة، بل بالأرقام، بالرسوم، بالمعاهدات الممزقة، وبالتهديدات المتكررة ضد “الخصوم” و”الأصدقاء” على حد سواء.

في كلمته، لم يتردد ترامب في إلقاء اللوم على أسلافه، متهما إياهم بالتخاذل، ومؤكدا أن “عصر استغلال أمريكا قد انتهى”. هنا يظهر كقائد لا يقبل سوى النصر، كجنرال اقتصادي يخوض معركته الأخيرة ضد ما يعتبره جشع العالم.

فمن أين أتى ترامب؟ من أي عالم خرج؟

ترامب ليس مجرد رئيس تقليدي، بل أشبه بشخصية قادمة من عالم آخر، حيث القوانين تكتب بالقوة، وحيث السوق ليس مكانا للتفاوض، بل ساحة معركة لا ينجو فيها إلا الأقوى. هل هو جان دارك أمريكية، يحمل راية الخلاص لشعبه؟ أم أنه كإيكاروس، الذي حلق عاليا بأجنحة من شمع، قبل أن تحترق ويسقط؟

بين من يعتبره محررا اقتصاديا وبين من يراه مدمّرا للسوق العالمي، تبقى الحقيقة أن قرارات ترامب ستغير مجرى الأحداث. البعض يصفها بأنها بداية لانهيار اقتصادي عالمي، فيما يراها آخرون بداية عصر جديد من الهيمنة الأمريكية.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل سينجح ترامب في إعادة تشكيل العالم وفق رؤيته، أم سيكون مجرد فصل آخر في كتاب التاريخ، يقرأه طلاب المستقبل بدهشة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci