بقلم: حنان الأسمر*
اليقظة الذهنية هي الانتباه في اللحظة الحالية ( هنا و الآن) بدون إصدار أحكام. انها طريقة عملية لملاحظة أفكارنا ومشاعرنا وعواطفنا والاشتغال عليها بعيدا عن سلطة العقل اللاواعي، والذي يتميز بأفكاره السلبية وبرمجياته التي لا تؤدي إلى ما هو جيد وما نصبو إليه، لكنه يجعلنا ندور في حلقة مفرغة نجتر خيبات الماضي ونسقطها على المستقبل من خلال تخوفنا من تكرارها فتتجلى في واقعنا. اذن، إذا لم نمارس مهارات اليقظة الذهنية ودور المراقب، فإنها ستأخذ مشروعية الاستمرار والامتداد مما يساهم في عيش الحياة بمشاعر سلبية وعدم رؤية نعم الله التي سخرها لنا.
عند تفعيل اليقظة الذهنية وعيش اللحظة الحالية تتغير حياتنا للأحسن، لأن بتفعيل دور المراقب – ذلك الشخص الايجابي الجميل اللطيف الهادئ اللين الهين الذي بداخلنا – نكون أكثر وعيا بأفكارنا ومشاعرنا وأكثر وعيا أيضا بعيش حاضرنا دون الشعور بالألم والذنب عند التفكير في الماضي بأحداثه ومواقفه وأشخاصه، ولا القلق بشأن المستقبل ومخاوفه.
فاليقظة الذهنية تساعدنا على تعلم الدروس من تجارب الماضي مع الايمان أن أي شيء حدث هو فقط تجربة علينا الاستفادة منها بشكل إيجابي، وبطريقة، واضحة، وهادئة. فلنتسامح مع التجربة ونسمح لها بالتحرر والرحيل في سلام مع استقبال كل ما هو جميل بسلام ومحبة وسكينة، مما يساهم في جعلنا نخلق واقعنا وحياتنا بعيدا عن المقارنات بيننا وبين الآخرين لأن كل شخص يعيش تجربته الأرضية وفقا لقناعاته وموروثاته وأفكاره ومشاعره فكل ما هو داخلي ينعكس على العالم الخارجي.
تؤثر اليقظة الذهنية على رفاهنا أيضا وذلك من خلال التواجد في اللحظة الراهنة وتمكننا من رؤية العواطف والمشاعر والأفكار بوضوح، الشيء الذي يساعد على تحديد الرؤية بوضوح والتخفيف من عقلية المعاناة ولعب دور الضحية، والنظر الى ذواتنا وما حولنا بوعي وبشكل مختلف، فندرك الرفاه والسعادة من خلال ممارستها في الحياة اليومية لزيادة التركيز والوعي في التعامل مع الأشياء والمواقف.
وتساهم أيضا بشكل جيد على المستوى العلائقي حيث نصبح أكثر لطفا وودا في التعامل مع الآخرين، وتكوين علاقات ايجابية مفيدة تعود على الشخص بالسلام والصفاء والمحبة، اتخاذ القرارات الجيدة و رؤية الامور بشكل واضح و نظرة ايجابية و التركيز على كل ما هو جميل بعيدا عن السلبية و التشاؤم.
كما أنها تساعدنا على التخلص من المشاعر غير المرغوبة، فهي تمنحنا فهما أكبر لأنفسنا ولطريقة تفاعلنا مع الاحداث، وهذا يجعلنا نشعر بالراحة أكثر وبالسلام والهدوء المنشود.
ان اتخاذ اليقظة الذهنية كنمط حياة يعود بالنفع على علاقتنا بذواتنا وتصالحنا معها وعلى علاقتنا بما هو حولنا. اذ تجعلنا نراقب الحياة بوعي ونركز أكثر على ما هو ايجابي يسهل علينا العيش بكل رفاه وسعادة، عن الانزواء بالذات والاختباء وعيش الاكتئاب الذي يدخل الذات في براثين الألم والمعاناة وتأنيب الضمير وحتى عيش دور الضحية.
اليقظة الذهنية تجعلنا نعيش الحياة بمتعة وشغف …
أن نكون أكثر تناغما مع ذواتنا ومع الكون …
فلنعشها بوعي …
باحثة في التنمية الذاتية*