بقلم: حنان الأسمر*
الحب الكوني هو الحب غير المشروط، أن تحب دون مقابل ، حالة داخلية من المحبة المتدفقة لكل شيء في الوجود، سواء إنسان أو حيوان .. نبات أو جماد، حب عميق ، برغبة أن الجميع يعيش بسعادة و سلام و بهجة.
ذلك الحب لا يأتي من مستوى الذهن ، من خلال العقائد أو الكلمات ، بأن تقول لنفسك يجب أن أحب الآخرين ، مستوى الذهن أو الأفكار لا يعرف الحب الكوني ، بل يعرف فقط الحب المشروط . الحب الكوني يأتي من بعد يتجاوز مستوى الذهن.
لكي تعرف هذا الحب ، فإن الطريق إليه هو التأمل ، لأن التأمل هو الذي يأخذك إلى البعد الأعمق فيك، مستوى الذهن لا يستطيع أن يصل إليه. مستوى الذهن أو الأفكار محدود في محيطه ، و قصص الماضي و هموم المستقبل.
التأمل يحررك من مستوى الذهن ، و عندما تتحرر من مستوى الذهن تسمح لحبك الكوني العميق أن يتدفق منك إلى العالم أجمع ، في التأمل يتم معرفة طبيعة الأفكار ، و هي عابرة و متغيرة، فعند عدم الإنخراط بها نصل إلى عمق اللحظة حيث الوعي الكوني يكمن.
لكن عليك أولا أن تتعلم أن تحب نفسك، إذا لم تستطع أن تحب نفسك فلن تعرف كيف أن تكون مع نفسك ، ولن تعرف كيف أن تحب الآخرين ، فيجب عليك أن تبدأ في منبع هذا الحب وهو من خلال نفسك. فالوعي الكوني من خلالك يعرف نفسه ، و من خلالك طاقة الحب تأتي ، فأحب نفسك كما هو عليه، دون النظر لنفسك من خلال أعين الآخرين و آرائهم، و عندما تحب نفسك سوف تستطيع أن تكون أكثر وعيا بذاتك ، أكثر حضورا للحظة.
صلتنا مع الخالق صلة حب لا مشروط ، فلا يمكننا ملك الله ، و إنما نبارك أجسادنا و واقعنا و أحلامنا بفهمنا لطبيعته كطاقة مجالية مبجلة في ذواتنا.
حرر رغبتك من الإشراط ، حرر نفسك من الإشراط ، حرر كلمتك من الإشراط ، تماهى مع المصدر و كأن لا وجود لك فقط ضوء مماثل لضوء الشمس بلا قيود و فرضيات وهمية تحبس طاقتك بها ما بين شك و عدمه.
تعلم أن تشعر و تتعامل مع طاقتك و رغباتك بصمت و إسكات ثرثرة العقل و التمركز داخل دائرة الامتنان المقدس.
اشعر برغبتك داخل قلبك الكوني ، اشعر نحوها بالسعادة المطلقة المترافقة باليقين في تحققها، بدون ذرة من ذرات الشك.
غلف رغبتك بمشاعر الإمتنان ، و اشعر أنك عشتها واقعا الآن ، و ردد نحوها كلمة : آآآمين، ردد آآآمين بعمق و يقين ، اشعر الكلمة تتفجر من عروقك و خلاياك نحو نفسك و رغباتك و قبل ذلك نحو روحك، شعلة الخالق المتقدة في صدرك … و لا تخرج عن دائرة الامتنان أو تسمح لثرثرة العقل بالتدخل.
على حجم السعادة و اليقين و التدفق المبذول أنت ستحصل على العطاء بالوقت المناسب ، ازرع بذور رغبتك في وعيك و انساها و عشها كأنها محققة الآن.
دعه يطهرك و يشفيك ، و يأويك الى عوالمه النقية ، دعه يغير مكونات ذراتك الداخلية لتصبح أكثر شفافية ، فيبصرك بما لا يستطيع غيرك رؤيته.
دعه يمدك بمداد أنغام الكون و أحاديثه صمتا و بوحا، لترى عظمة الخالق البديع فتبصر أثار الإهتداء لتنعم بتواصل ذكي، يحميك من نفسك حينا، و متكأ آمن من البعض أحيانا ، كي تستطيع الانسجام و الاندماج مع ذراته السابحة ، حتى في تكوينك ” و في أنفسكم أفلا تبصرون”.
ليشرق محياك كما تشرق الشمس ، و تشرق روحك فيطيب من يلقاها ، و يسرق قلبك نابضا بفيض من حب يروي الجميع ، و يشرق ثغرك فيأسر القلوب ، و يشرق في عينيك فيقرأ فيها ما لم يخط يوما في لوح أو ورق .
اعتنقه حتى تحيا بقلب سليم ، تمسك به و إن صارعتك الحياة بفتنها التي تريد أن تختطفه منك ، اجتهد فكل جهد يمد جذورك قوة و ثباتا حتى تقاوم ما يعصف بك، لا تخشى لحظات الغروب التي تطفئ ضوءك ، ما دام فيك نبض فهو يكفي لإشعال فتيل الحب لتشرق مجددا.
*باحثة في التنمية الذاتية