لنتصور ان الجزائر قبلت رحلة منتخب اللاعبين المحليين، عبر الخطوط الملكية، من الرباط إلى قسنطينة، مباشرة، ثم تفاجأ هؤلاء، والوفد المغربي كله معهم، بكلمة حفيد مانديلا المستفزة، واساءات الجمهور الجزائري المجيش ضد المغاربة (هناك من ذهب الى ذلك الجمهور او جزءا منه هم من العسكريين الذين كلفوا بالإساءة إلى الشعب المغربي).
كيف سيكون عليه حال المغاربة، لا عبين واطقما تدريبية وطبية وادارية، المشاركين في الشان الإفريقي بالجزائر، وهم يرون ويسمعون كيف يسيء الجيران إليهم، بتلك الاساءات البذيئة التي لم تترك للدين، ولا للتاريخ المشترك، ولا للرياضة أية حرمة على الاطلاق؟ من الأفضل ان المغاربة لم يشاركوا، وان لا يشاركوا، على الاطلاق، هناك، في أية تظاهرة ببلاد العسكر مستقبلا.
الوقائع العدوانية، التي تعرض لها اللاعبون الفتيان، منذ مدة قريبة، بينت حجم الحقد والغل لدى الجيران، إلى درجة ان سلوكياتهم لم تعد تنطوي على أية دبلوماسية مقبولة في تصريف المواقف، باستثناء ردود الافعال الخشنة، الهوجاء والخرقاء.
نحن نتفهم مواقف الديبلوماسية المغربية، التي تريد تعرية صلافة نظيرتها الجزائرية أمام العالم، بالتزام الحكمة والهدوء والصبر، لكن إلى اي مدى يمكن للمغاربة تقبل خشونة العسكر في عهد “العم تبون”؟
لقد ابتلينا بنظام لا يعرف كيف يتصرف سياسياً مع اصدقائه قبل خصومه. والأمل في تغير نهج هذا النظام، مادامت هناك سيطرة قائمة للعسكر على دواليب الحكم، بات بعيدا على الجميع، مغاربة وافارقة وعربا واوروبيين. ليتامل كل ذي عقل كيف خاطب وزير جزائري شركة أدوية سعودية بعنجهية وسوء أدب، مطالبا إياها بفصل خارطة المغرب عن صحرائه. ترى لماذا تتطرف دبلوماسية العسكر في فرض مواقفها على ضيوفها، المشاركين في معارضها ومهرجاناتها وتظاهراتها، مع انها هي المواقف ذاتها التي تتبناها دول اولئك الضيوف؟
انه الحقد الأعمى، الذي يغشى قلوب العسكر وعقولهم وابصارهم..الحقد الذي بات، من جهة اخرى، ولحسن الحظ، يعري سوءتهم أمام العالم. ونحن لا نأتي بجديد، هنا، من عندنا. لنرجع إلى تصريحات الرئيس الفرنسي، امانويل ماكرون، الذي أقر بوجود رئاسة عالقة في نظام عسكري قاس، قبل ان يستضيفوه، ويفرشوا له السجاد الأحمر.
على المغرب ان ينسى بلدا اسمه الجزائر إلى أجل غير مسمى، مع العمل على الاستمرار في تقوية جبهته الداخلية، وانتهاج سياسة تنموية عادلة ومتقدمة في كل المجالات.