ميارة: على الدول العربية والإفريقية توسيع أنظمة الحماية الاجتماعية للتخفيف من حدة الأزمات التي يمر منها العالم

دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، الدول العربية والإفريقية إلى توسيع أنظمة الحماية الاجتماعية لحماية شعوبها من تأثير الأزمات التي يمر منها العالم في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا أضفت تعقيدات متزايدة في مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي بعد الخروج من أزمة كورونا.

وقال ميارة، الذي يترأس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، في اللقاء التشاوري التاسع للرابطة يبوجمبورا بجمهورية بوروندي، اليوم الإثنين، إنه “ينبغي على الحكومات العربية والإفريقية العمل على إنشاء وتوسيع أنظمة الحماية الاجتماعية حتى يتمكن كل فرد في المنطقة من ممارسة حقوقه في مستوى معيشي لائق، بما فيه الحق في الغذاء والحق في الضمان الاجتماعي”، مضيفا “كما ينبغي عليها أيضا زيادة الإنتاج المحلي وخفض الواردات واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي من شأنها أن تعمل على معالجة آثار وتداعيات هذه الأزمة”.

وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن جائحة كورونا التي تفشت في العالم في أواخر سنة 2019 قد ألحقت أضرارا كبيرة بجل القطاعات الاقتصادية للدول، مما أدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة شبه الركود”، مؤكدا أنه “وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي سوف  تصل  خسائر الاقتصاد العالمي جراء الجائحة إلى نحو 15 تريليون دولار بحلول نهاية 2024، أي ما يعادل 2,8 في المائة من إجمالي الناتج العالمي”.

وأكد أنه على الصعيد الإفريقي والعربي، فقد أدت تبعات جائحة كورونا وتداعياتها على المنطقتين إلى تهاوي أسعار النفط وانخفاض الطلب العالمي عليه قبل أن ترتفع بسبب عوامل أخرى، كما أدت الجائحة إلى تباطؤ نمو الإقتصادات في دول المنطقتين، بسبب آثارها المباشرة على القطاع المالي بشكل عام والناتج المحلي الإجمالي، مشددا على أنه وفقا للبنك الدولي تكبدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020 خسائر كبيرة في الناتج المحلي تقدر بحوالي 200 مليار دولار، وتشمل الأضرار التي لحقت بالقطاعات الرئيسية، خاصة الطاقة والطيران والسياحة وغيرها، إضافة إلى ذلك انكمشت اقتصادات المنطقة في العام ذاته بحوالي 3,8 في المائة.

أما على الصعيد الإفريقي، يضيف المتحدث، فإن مسار التعافي الاقتصادي من آثار وتداعيات الوباء “لايزال متفاوتا وغير مكتمل ويحدث بمعدلات متفاوتة من السرعة في جميع أرجاء القارة الإفريقية. ومع هذا يتوقع البنك الدولي في تقريره الأخير عن القارة الإفريقية الصادر في شهر أبريل من العام الحالي أن يبلغ معدل النمو الإقليمي 4,1 في المائة في العام الحالي 2022 و4,9 في المائة في العام القادم 2023”.

 

 

ولفت ميارة إلى أنه وفقا لصندوق النقد فقد قامت البنوك المركزية على مستوى العالم بزيادة ميزانياتها العمومية بقيمة مجمعة قدرها 7.5 تريليون دولار لمواجهة الجائحة، وضخت سيولة في عام 2020 فقط تتجاوز ما ضخته في السنوات العشر الماضية مجتمعة. كما أدت جائحة كورونا وفقا للبنك الدولي إلى تراجع الأمن الاقتصادي والصحي والغذائي لملايين سكان العالم، مما دفع نحو 150 مليون شخص إلى دائرة الفقر في عام 2020 فقط، لاسيما في القارة الإفريقية، كما ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 14 في المائة في العام ذاته”، مضيفا أنه “مع استمرار الجائحة، دخل الاقتصاد العالمي عام 2022 وهو في وضع أضعف مما كان متوقعا، حيث تراجع معدل النمو العالمي بأكثر من 1,5 في المائة من 2021 إلى 2022. ونظرا لارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل الإمداد، يتوقع الصندوق كذلك استمرار ارتفاع التضخم في المدى القريب”.

وذكر رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي أن “العالم لم يكد يخرج من نفق أزمة كوفيد-19 حتى بدأت الأزمة الأوكرانية – الروسية التي أثرت بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وعمقت أزمة أسعار الطاقة والأغذية والسلع الأولية والمعادن والأسمدة وسلاسل الإمداد والتوريد، مما أضاف تعقيدات متزايدة في مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي عموما والاقتصاد العربي الإفريقي خصوصا، حيث أنها أضرت بالنمو وتسببت في رفع الأسعار وزيادة سرعة التضخم”.

وبالنسبة للدول العربية والإفريقية، يضيف ميارة في كلمته، إذا كانت الاضطرابات المتصلة بتفشي جائحة كورونا قد ساهمت أصلا في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية وتعميق الفقر، فإن الأزمة الأوكرانية – الروسية أدت إلى زيادة الأسعار لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، حيث أنه على مستوى الأمن الغذائي العربي – الإفريقي، انخفضت المخزونات إلى مستوى كبير، والأسعار ترتفع باستمرار والقدرة الشرائية تضعف والآثار مباشرة وسريعة وممتدة، مشددا على أنه من شأن زيادة حدة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود أن تدفع إلى مخاطر أمنية وعدم الاستقرار في بعض المناطق، من إفريقيا جنوب الصحراء، بينما من المرجح زيادة انعدام الأمن الغذائي في بعض الدول العربية والإفريقية.