في أجواء احتفالية تزامنت مع تخليد عيد المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال، نظمت مقاطعة باب المريسة بمدينة سلا، بالمركز الثقافي سعيد حجي،مساء امس السبت، عرضًا مسرحيًا مميزًا حمل عنوان “بورتريه”، قدمته فرقة مسرح غرناطة.
وقد كان الحدث مناسبة فنية وثقافية راقية جمعت بين روح الوطنية وجمالية الإبداع المسرحي.
المسرحية التي أخرجها عمر جدلي، وشارك في بطولتها كل من محمد الأثير، عبد الرحيم المنياري، مونية لمكيمل، وزاهية زهري، استطاعت أن تشد انتباه جمهور المدينة منذ اللحظات الأولى، حيث تفاعل معها السلاويون بإيجابية كبيرة، معبّرين عن إعجابهم بقوة التشخيص وحضور الممثلين داخل القاعة.
تدور أحداث “بورتريه” حول قصة إنسانية عميقة لفتاة شابة تعشق الرسم حدّ الذوبان، وتعيش صراعًا داخليًا بين رغبتها الطبيعية في الزواج، وواجبها الإنساني تجاه والدتها الأرملة الكفيفة التي تحتاج إلى رعاية خاصة.
وتتعقد حياتها أكثر تحت ضغط وصية الأب التي تلزمها بالزواج من أحد أبناء عمومتها، ليصبح مستقبلها الشخصي مرهونًا بين وصية الماضي ومتطلبات الحاضر.
وسط هذا التوتر النفسي، تلجأ الفتاة إلى عالمها الفني المغلق بين أربعة جدران، حيث تقضي وقتها في رسم لوحات تجعلها أقرب إلى نفسها، قبل أن تقرر الخروج في رحلة بحث عن “حبيب مفقود” لا تعرف عنه سوى ملامح احتفظت بها في الذاكرة منذ عشرين سنة… منذ أن كان زميلها في الصف الخامس الابتدائي. ومن هنا تبدأ في رسم “بورتريه” لوجهه، مستندة فقط إلى خيالها وذكرياتها الدفينة.
تقدم المسرحية حكاية تمزج بين الذاكرة والحنين، بين الفن كملاذ والواقع كقيد، وبين البحث عن الذات والبحث عن الحب المفقود.
وقد استطاعت فرقة مسرح غرناطة أن تجسد هذه العواطف المركّبة بمهارة عالية، من خلال أداء متقن وحضور قوي فوق الخشبة.
لقد كان عرض “بورتريه” احتفاءً بالفن، مما جعل المقاطعة والمركز الثقافي سعيد حجي فضاءً يلتقي فيه عبق التاريخ مع جمال المسرح… في أمسية ستظل راسخة في ذاكرة جمهور مدينة سلا.
