
بقلم: الكاتب والصحافي عبد الحميد جماهري

«الملكية العاطفية» واستقبال أبطال المونديال : هي فرصة للتفكير الجدي في صورة من صور «الملكية العاطفية» ولحظة لنرى بالعين المجردة كيف تساهم الانفعالات العاطفية في الاندماج الرمزي للمجتمع … أو البيعة الفرحة المتبادلة: الشعب يبايع ملكه والملك يبايع شعبه .. على الفرح أو على نوع من النقاء العاطفي !
فكرة الوطنية (كما الشعور الوطني الفياض المرافق لها والذي يهمنا هنا اساسا) ليست هي نفسها كما عاشتها كل دولة، في المغرب يختلف الامر عندما يقول عبدالله العروي مثلا ان «الوطنية المغربية مرتبطة بالمخزن» أو الدولة العتيقة. بل يقول ان هاته «الوطنية إفراز مخزني»… لهذا يكون الملك، امتدادا للوطن ، وامتدادا للوطنية حتى اننا نتحدث عن » الوطنية الملكية«nationalisme monarchique، وقد عرفتها مثلا فرنسا في لحظات من تاريخها وكانت موضوع مقاربات سيميائية وسوسيولوجية تاريخية وسياسية… وفي المخيال الجمعي تشكل صورة الملك صورة الوطنية المهيمنة ولا تكتمل صور الفرح كما صور الشعور بالخطر الا باستحضار هذا البعد ..
في المغرب لدينا نموذج ملكي للتاريخ الوطني (العواطف جزء منه) (بعيدا عن النموذج العسكري او النموذج الثوري الذي ساد شرقا او غربا) : ويشكل انقطاعه مأساة كما في نفي الملك محمد الخامس وعودته من جديد فرحة عارمة وشعورا بالحياة..
وحتى ما هو في حكم الحياة العادية يكون جزء من بناء نظام عاطفي لهاته العلاقة بين الملكية والشعب. فتكون العاطفة والأحاسيس عنصرا تكوينيا في التماسك المجتمعي والقدرة على خلق مشاعر وعواطف جياشة… أي ما هو معروف في التاريخ السياسي ب«الملكية العاطفية« عند ناطالي شولز Natalie Scholz المقصود بها تمثلا للملكية وعلاقتها بالشعب، تلعب فيها العواطف والانفعلاات والأحاسيس دورا مركزيا.. ماتسميه هي نفسها sentimentaliser » la monarchie وفي هاته الحالة نرى التماهي بين الشعب وملكه بدون حاجة لوسيط مجتمعي او سياسي او نقابي او من اي نوع كان.. وقد يتضح ذلك من خلال الامن والشعور بالاستقرار وبالمحبة التي يثيرها ظهور الملك.. هنا حديث عن شرعية ذات طبيعة عاطفية، تستحضر تاريخا للعواطف المتبادلة . وهناك دراسات يمكن العودة اليها Anne Vincent-Buffault et William Reddy حول التغير الكبير في تاريخ العواطف مع الملك محمد السادس… والنظام العاطفي الذي تم بناؤه!


