
بقلم: سعيد بوعيطة
يلعب الإعلام اليوم، دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام و الوعي المجتمعي. لهذا، يعد أحد أبرز الأدوات التي تؤثر على السياسات العامة و المجتمعات من خلال تقديم المعلومات و تحليل الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. كما يشكل من جهة أخرى، أداة في يد السلطة (السلطة بمفهومها الشمولي)، تستخدمها لتحقيق أهدافها و فرض هيمنتها.
سلطة الإعلام
تتجلى سلطة الإعلام في القدرة على توجيه الرأي العام و التأثير في قرارات الحكومات، بينما يتجسد إعلام السلطة في الصحافة التي تكون في خدمة الأنظمة السياسية. حيث تُستخدم الأخبار والتقارير لتحقيق أهداف السلطة. سلطة الإعلام، تشير إلى القدرة التأثيرية التي تمتلكها وسائل الإعلام في توجيه الرأي العام و تشكيل الوعي الاجتماعي. لهذا، فالإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل منصة قادرة على تحديد أولويات المجتمع و التأثير في السياسات العامة. وذلك من خلال التغطية الإعلامية و التحليل النقدي، وتقويم ونقد السياسات القائمة. كما تؤثر في قرارات السلطة في كثير من الأحيان. حيث تتمثل وظيفتها في الرقابة الاجتماعية من خلال تشكيل الرأي العام، التي تملك الصحافة القدرة على توجيهه من خلال تحليل الأحداث و نقل الأخبار الصحيحة من وجهات نظر متعددة. وفي مراقبة السلطة السياسية و الاقتصادية من خلال التأثير المباشر أو غير المباشر على العملية الانتخابية والممارسات السياسية. وذلك من خلال الدعوة إلى التغيير أو التحفيز على التحركات الاجتماعية، من خلال تلك التحقيقات الإعلامية و التقارير الاستقصائية. لأن تقوية الديمقراطية، وتعزيز المشاركة السياسية بين المواطنين، يستوجب الالتزام التام بالمعايير المهنية والموضوعية للإعلام.
إعلام السلطة
إعلام السلطة هو الإعلام الذي تمارسه مختلف الأنظمة أو القوى السياسية، بهدف تعزيز سلطتها و توجيه الرأي العام بما يخدم مصالحها. وفي هذا النوع من الإعلام، يُوظف هذا الأخير باعتباره أداة لإدارة المعلومات و توجيه المجتمع نحو الأهداف السياسية الخاصة بالسلطة. يتجلى هذا التوجيه في الرقابة على الأخبار، والتحكم في تدفق المعلومات من خلال الرقابة و التوجيه الإعلامي، و توجيه الخطاب العام، بما يخدم الخطاب الرسمي الذي يُروج للأيديولوجيات القائمة، أو يُعزز الاستقرار السياسي. لكن في الكثير من الأحيان، تغيب الحقيقة، ويتم تزييف الحقائق، و تقدم المعلومات بشكل منحاز لخدمة السلطة. مما يؤدي إلى تشويه الحقيقة وغياب النقد الموضوعي.
أما في بعض الأنظمة السياسية، فيستخدم الإعلام باعتباره أداة ترويجية للسلطة، حيث تُركّز وسائل الإعلام على الإنجازات و النجاحات السياسية، وتغطي الإخفاقات أو الانتقادات بشكل غير متوازن. يسمى هذا النوع من الإعلام بـ “إعلام السلطة”. بحيث يؤثر إعلام السلطة بشكل سلبي على الحرية الإعلامية و الحقوق الديمقراطية للمواطن. أما في الأنظمة التي تهيمن فيها السلطة على وسائل الإعلام، فقد تحدث عدة تأثيرات سلبية على المجتمع. خاصة الإعلام الرقمي الذي يفتقر أغلبه إلى المعايير المهنية. مما يؤدي إلى انتشار الأخبار الزائفة و التلاعب الإعلامي.
تبقى العلاقة بين الإعلام والسلطة علاقة معقدة ومتعددة الأبعاد. حيث تتداخل الحرية الإعلامية والرقابة السياسية في العديد من الحالات. بينما تُمثل سلطة الإعلام أداة قوية لتعزيز الديمقراطية والشفافية، يمكن أن يصبح إعلام السلطة أداة للتوجيه السياسي والتلاعب الاجتماعي. خاصة في هذا العصر الرقمي الذي ازداد فيه تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام. مما يطرح تحديات جديدة في المهنية الإعلامية، ومواكبة مختلف التحولات، من أجل ضمان استقلالية الإعلام، ليظل أداة لخدمة المجتمع وتعزيز الحرية والعدالة والديمقراطية.






