
غادر إلى دار البقاء الفنان الأمازيغي الكبير بناصر أخويا، أحد أعمدة الأغنية الأمازيغية الأصيلة في المغرب، بعد مسيرة فنية حافلة، ترك فيها إرثًا غنيًا وجرحًا في قلوب محبيه يصعب اندماله.
منذ عقود، شكّل بناصر أخويا مدرسة فنية متفرّدة بصوته العذب وأسلوبه الفطري، حيث امتزج في أغانيه الحنين بالمقاومة، والحب بالهوية، والوجع بالأمل
عرف الفقيد بشراكته الفنية الشهيرة مع الفنانة حادة أوعكي، حيث شكّلا ثنائيًا استثنائيًا في تاريخ الأغنية الشعبية الأمازيغية، وقدّما معًا لوحات غنائية صادقة عكست هموم المجتمع، وقيم الريف الأطلسي بلغة فنية راقية وبليغة.
كما جاور بناصر أخويا كبار الفنانين من أمثال محمد رويشة، عائشة تاشنويت، وأحمد بوزكري، وساهم رفقة هذه النخبة في نقل الأغنية الأمازيغية من المحلية إلى الساحة الوطنية، مؤرّخين عبرها لتجارب الناس وثقافتهم وتطلعاتهم.
تميّز الراحل بتلقائيته وصدقه، فلم يكن يتكلّف في الأداء ولا يتصنّع في التعبير، بل كانت كلماته نابعة من معاناة البسطاء، وألحانه متجذّرة في تقاليد الأطلس.
لم يسعَ للشهرة، ولم يلهث خلف الأضواء، لكن فنه الأصيل جعله نجمًا خالدًا بأغاني تجاوزت الزمن وظلت حيّة رغم تغيّر الأذواق.
برحيل بناصر أخويا، تفقد الساحة الفنية المغربية أحد أعمدتها، وتفقد الأغنية الأمازيغية أحد أصدق أصواتها.
رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته الفنية والإنسانية جميل الصبر والسلوان.


