
بقلم: زكية لعروسي
في زاويةٍ معتمة من كواليس السياسة العربية، ثمة عرض مسرحي هزلي يجري على الخشبة: أبطاله نظام الأسد البائد، وحكام الجزائر المهووسون، ومليشيا البوليساريو المرتزقة… إخراج مشترك إيراني-جزائري، وتمويل شعبي من أموال الفقراء الذين لا حول لهم ولا صوت. أما الجمهور، فمضطر لمتابعة هذا العبث كما يتابع سجّان حركات سجينه… لا خيار.
سوريا، التي كانت يومًا مهد الحضارة، تحوّلت في عهد آل الأسد إلى مصنع لأشباه الدول والخراب. وها هي اليوم، حتى في سقوطها، تترك وصمة جديدة في صفحات العار: مقاتلو البوليساريو، تلك الجماعة الوهمية التي لا أرض لها ولا شرعية، قاتلوا إلى جانب النظام السوري ضد شعب ثار طلبا للحرية. أي مهزلة هذه؟ أي شتيمة نسجت باسم القومية والممانعة؟
أما الجزائر، فحدّث ولا حرج. دولة تتباهى بـ”التحرر” بينما هي ترعى بالمال والسلاح كيانا مرتزقا يعيش على حساب الشعب الجزائري البسيط. بالأمس كانت تحشو خزائن البوليساريو من جيب المواطن، واليوم تطالب بتسليم مقاتليهم المجرمين في سوريا. يا للعجب! الجزائر التي منحت البوليساريو خيمة في كل خريطة، تريد أن تواريهم اليوم تحت رمال الصحراء. هل هو خوف من الفضيحة؟ أم شعور بالعار بعدما انكشفت المؤامرة في تقارير دولية؟!
“وافَق شَنٌّ طَبَقَه”: تحالف جمع ديكتاتورا مشبعا بالدم السوري، ونظاما جزائريا لم يشبع شغفه في اختراق كل ما هو مغربي. كلاهما يركع في حضرة خامنئي، ويشرب نخب الحقد على المغرب في طهران.
تقرير دويتشه فيله، القناة الألمانية الرسمية، لم يترك شيئا للخيال. كل شيء واضح كالشمس في صحراء السموم. الجزائر تدخّلت لتزرع ميليشيات في سوريا. إيران درّبت. والبوليساريو نفذت. ودمشق احتضنت… والدم السوري هو ثمن هذه المسرحية الرديئة.
فما دخل هذا العبث بالمغرب؟ لماذا تصر هذه الأنظمة المتصدّعة على التحالف ضد دولة الأحرار؟ هل هي الغيرة؟ وهل السياسة، مثل النساء، تصاب بالغيرة من الأجمل والأذكى والأقوى؟ قولي لي يا أمّي خيرة، قولي لي بالسلامة: هل بين الجزائر وسوريا وإيران قضية مبدئية؟ أم هي “حشرة الحسد” تأكل العقول حين ترى المغرب ينهض ويُصنّع ويقود القارة؟
في عام 2025، رفض أحمد الشرع، رئيس سوريا الجديد، تسليم مقاتلي البوليساريو المعتقلين إلى الجزائر. صدمة! الجزائر التي ربّتهم تنكرهم اليوم؟ لقد انتهت ورقتهم، ولم يبق إلا فضائحهم.
ولعلّ أكثر ما يثير السخرية أن الجزائر التي حاولت التوسط قبل سقوط الأسد لإعادة الاعتراف بالبوليساريو، اكتشفت فجأة أن الجريمة أصبحت “مُسجّلة بالصوت والصورة”. والآن؟ تريد تنظيف الساحة.
المغرب أكبر من هذه الدمى. أكبر من مؤامرات الدول “المضاربة في الأعماق والفضاء” بلا بوصلة ولا شرف. المغرب لا يدار من قندهار، ولا من مخيمات الوهم، ولا من مقرّات الحرس الثوري. المغرب حر برجاله، ملكه، وشعبه.
وسوريا ستشفى… فقط حين تحاكم هذه العصابات. والجزائر؟ ستبقى رهينة جبهة مهترئة حتى تتحرر من عقدة “الملك المغربي”.
أما البوليساريو، فلا دولة لها إلا في خيال مريض، ولا مقعد إلا في قوائم المطلوبين. المجد للأحرار. والعار لمن خان الدم والشعب.