أخبارفي الصميمكتاب الرأي

انسحاب مصر من مناورات السلام الأفريقي بالجزائر

بقلم: عبد السميع الورياغلي

اتخذت الجزائر الصحراء المغربية قضيتها الديبلوماسية الأولى، تحت شعارات لا تثبت على الإطلاق، لا مع حقائق الواقع، ولا وقائع التاريخ، ولا لغة المصالح. كل ذلك يحصل بزعم الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها. غير أنها على الأرض، والمفارقة كبيرة، هنا، لا تدافع (مثلا) عن حق جارها القريب في استرجاع مدينتيه السليبتين: سبتة و مليلية. والمفارقة الأكبر، في تبنيها للانفصال في الصحراء المغربية، تتجلى في سعيها المتواصل لإرغام الدول على تبني الأطروحة إياها. تدعي ألا مطالب ترابية لها في الصحراء، وبالمقابل تجعل الأخيرة قضيتها الديبلوماسية الأولى، إلى درجة صارت الترمومتر لرسم استراتيجياتها الإقليمية، وتحالفاتها الدولية.

لقد نجح النظام الجزائري في دعاويه تلك في مرحلة من المراحل، وبالتحديد في سياق الحرب الباردة، التي كانت جارية في زمن ما. غير أن الواقعية المتبناة، في العلاقات الدولية الحالية، اليوم، وبخاصة في ظل غياب الحسم النهائي للقضية على صعيد مجلس الأمن، وما بات يستتبعه ذلك من مآس يعيشها الصحراويون في مخيمات تندوف، أخذت تفرض على النظام الراعي للانفصال حصارا مطبقا لأطروحتها، التي ظلت تسعى من خلفها إلى الهيمنة على شمال إفريقيا، أو بالأحرى المغرب العربي.

آخر الإخفاقات الجزائرية، في الآونة المنصرمة، عدم تضمين البيان الختامي، الذي صيغ في إثر لقاء القمة الذي جمع سلطان عمان، هيثم بن طارق، بنظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، أي إشارة إلى قضية الصحراء المغربية. كما أن رفض جمهورية مصر العربية المشاركة في مناورات السلام الأفريقي بالجزائر، تحت طائلة استدعاء البوليساريو للمشاركة في المناورات إياها، سيزيد من عزلة النظام الجزائري. جميع الدول صارت تدرك “اللعبة” الجزائرية، التي ظل النظام يستخدم عبرها “القضية”لتوتير العلاقة بينها والمملكة.

أضحى من غير المقبول، بالنسبة إلى تلك الدول، أن تفرض دولة “الجزائر” أجندتها، في قضية لا تعنيها إلا بشكل غير مباشر. وبات يظهر ذلك في تزايد عدد الدول التي تعترف بحقوق المغرب في صحرائه، أو بدرجة أقل تتفهم مطالبه، في مقابل انحصار أطروحة النظام الجزائري، حتى من قبل اصدقائه التاريخيين. ولذلك، سيكون للموقف المصري الأخير رد فعل سلبي على النظام الجزائري، وبالتالي سيدفعه، مع تتالي الإخفاقات الديبلوماسية، إلى الاختيار بين: الدفاع عن مصالحه الوطنية، أو الدفاع عن مصالح “الآخرين”، ممن لا يربطه بهم إلا مناكفة المغرب في حقوقه، في محاولة لإضعافه، وبالتالي الحيلولة دون الاضطلاع بدوره القيادي في شمال أفريقيا، والمنطقة العربية، والعالم أجمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci