بقلم: زكية لعروسي

في عالم كرة القدم، حيث تُكتب القصص وتُصنع البطولات، لا يزال البعض يظن أن الانتصارات تُسرق بالمؤامرات. لكن، في الميدان تتكشف الحقائق، والتاريخ لا يخدع. اليوم، تثبت نهضة بركان، تلك القلعة الكروية الشامخة، أنها أكثر من مجرد فريق، بل هي تجسيد حي لفخر مدينة بركان التي أسست مجدها من عزيمة وملحمة لا تعرف الضعف.
على مدار أشهر طويلة، شنَّ اتحاد الجزائر حملات مضللة ضد النهضة البركانية، متجاهلًا قوانين اللعبة وحقوق المنافسة. ولعل أبرز محاولاتهم كانت المطالبة بإلغاء نتيجة مباراتي نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية، عبر طلب مستعجل أمام المحكمة الرياضية الدولية “طاس” للطعن في فوز النهضة. ظنّوا أن التلاعب بالقانون سيكسر عزيمة البركانيين، لكن جاء القرار حاسما: لا إلغاء، ولا عقوبات، والنتيجة محسومة لصالح بركان.
هذه المعركة لم تكن مجرد انتصار رياضي، بل هي رسالة قوية لكل من يظن أن الرياضة يمكن أن تكون ساحة للمناورات السياسية. مدينة بركان، بأرضها التي أنجبت الأبطال، تأبى أن تُسجّل في التاريخ إلا صفحات المجد. نعم، “البراكنة حارين”، فهذا ليس مجرد شعار، بل حقيقة واضحة، فالبُركان لا يهدأ في بَركان، بل يستمر في إشعال منافساته بشجاعة وعزيمة.
محاولات اتحاد الجزائر لم تكن سوى محاولة عبثية لإلغاء حقيقة التفوق الكروي. هذا النوع من الضجيج لم يوقف البركانيين عن المضي قدمًا في طريقهم نحو القمة. فالتاريخ يسجل للأقوياء، والأقوياء هم من يقاتلون في الملعب، لا من يعتمدون على المكاتب الطاعنة. النهضة البركانية تواصل مسيرتها بثقة، تاركة خلفها كل الضغوط والتهديدات.
بعد عام طويل من المناورات العقيمة، أتى الحكم النهائي من المحكمة الرياضية الدولية (TAS) ليقلب الطاولة على اتحاد الجزائر ويكون كصاعقة قانونية. هذا الحكم لا يكشف فقط انتصار البركان، بل يكشف تهافت محاولات الجزائر التي كانت تُسعى وراء مكاسب غير رياضية. بداية من مصادرة قميص نهضة بركان في الجزائر، وصولًا إلى الضغط على الهيئات الرياضية، كان اتحاد الجزائر يأمل في تغيير الحقائق. لكن “طاس” أكدت أن ما من خرق للقوانين من قبل البركان، وأن كرة القدم تُدار بالعدالة الرياضية، لا بالأهواء السياسية.
تسقط بذلك جميع الطعون الجزائرية، ويثبت أن القميص الذي أثار الجدل كان معتمدًا من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF). القصة لم تكن قصة قميص، بل كانت قصة محاولة لإفساد سمعة الفريق المغربي، لكن “طاس” كان لها رأي آخر. الميدان هو من يحدد من هو الأقوى، والحقائق لا تُمحى بقرارات جائرة.
اليوم، تقف الجزائر أمام خيارات محدودة. إما أن تقبل بالحكم وتعيد النظر في استراتيجياتها الرياضية، وإما أن تستمر في المكابرة وتواصل مسيرتها المليئة بالهزائم القانونية. في كلتا الحالتين، سيكون للرياضة الكروية الجزائرية ثمن غال على تلك المحاولات العبثية التي لم تجد لها أي مبرر.
تمرر هذه القضية رسالة واضحة: الرياضة ليست مجالا لتمرير أجندات سياسية، ولا ساحة لمعارك سياسية فاشلة، بل ساحة للتنافس الشريف والعدالة الرياضية. وبالنسبة للنهضة البركانية، فإن الانتصار لم يكن مجرد فوز في مباراة، بل هو انتصار للعدالة، وللروح الرياضية، ولإرث طويل من الكفاح. والبركان، كما تعودنا منه، لا ينطفئ أبدا!