بقلم: عبد الدين حمروش

أنا مثلك يا داليدا
سأربط حبلا في سقف قصيدة
وأعلقه على عنقي
وأنتحر..
هذا المقطع الخامس، من نص «أنا مريض مثلك يا داليدا»، يكاد يختزل الكون الشعري للديوان، لغة وتخييلا وإيقاعا. بعكس ما يوحي به عنوان المجموعة “خسارة ب Mini jupe وجوارب طويلة” من “خروج” على نمطية معينة في بناء العنوان، لا من حيث حجمه الطولي، ولا من حيث مرادفة العربية بالفرنسية، ولا من حيث تقطيعه الصوري (من الصورة)، إلا أن ليس هناك ما هو أدق في التعبير عن الكون الدلالي والفني للديوان من العنوان ذاته.
الخسارة، هي الكلمة المفتاح في الديوان كله. في مستوى أول، تنقاد الخسارة لتتعضد بشبيهاتها، من حيث الإحالة الدلالية (مثل الخيبة)، وفي مستوى ثان تتوسع لتؤشر على كون دلالي، ملؤه الفجيعة والمأساة. مهما شطت الجمل الشعرية، في طريقة بنائها، وأسلوب تصويرها، لتكون أكثر حداثة، إلا أنها تظل متماسكة دلاليا. بعبارة واحدة، الشاعر “يشعر” ليقول، ويعبر. وإن تعددت النصوص، التي بلغت خمسة وأربعين نصا، إلا أن قراءتها بوصفها نصا واحدا ممكنة. الشاعر ظل يعمل على تقطيع (خساراته)، وتوزيعها على مختلف النصوص، كل واحد على حدة.
إنها الخسارة العارية والمجردة. أو بالأحرى، إنها الخسارة التي لا يستر فخديها ساتر، مادامت تلبس الميني- جيب. إنها من جنس الخسارة الفضيحة. الجوارب الطويلة، وإن أريد لها أن تقوم بفعل التقابل مع الميني- جيب (القصيرة)، إلا أن ما تؤديه من وظيفة تقابلية، لا يقلص من حجم الخسارة الفادحة. ثم إن الخسارة أزيحت في النهاية لتأخذ حجمها الكبير من الجنوح بها نحو بعدها الأخلاقي. هل هناك ما هو أفظع من الخسارة- الفضيحة؟!


ديوان بوبكر لمليتي، الذي يمثل المجموعة الثانية في مسيرته، ينطوي على إصرار شعري جميل متصاعد. وإن كان يحسب على الشعراء الشباب، دون الثلاثين من العمر، فهو شاعر لا يضحي بصفاء لغته، لا تركيبا ولا تخييلا، مثل ما نجده لدى شعراء آخرين من جيله، حيث التفكك والمجانية في أعلى درجاتهما. بوبكر، شاعر. وكفى بذلك شاهدا وشهيدا.
فقط،
في سمائك
كان يحدث أن أراقب النجوم
في الليل والنهار،
وأمسك يد الغيمة
التي تجمعت من دخان خسائري
وأبيدها هناك،
كي أحلم مجددا بضمير مرتاح.